بداية لا يمكن النظر إلى جوانب وحجم هذه التجارة بمعزل عن جملة المسببات، التي أدت لاستحواذ عدد محدود من تجار العملة، على مجمل تجارة الليرة السورية في الجنوب التركي، والتي من أبرزها بحسب مصادر اقتصادية، عدم استقرار وتدني سعر صرفها أمام العملات الأخرى، علاوة على احجام غالبية محلات الصرافة التركية والسورية عن التعامل بها.
هذه المسببات وغيرها أدت إلى تثبيت سعر شراء الليرة السورية بقيمة منخفضة تكاد تكون شبه دائمة في المدن التركية، مقارنة بالسعر الحقيقي لليرة السورية في الداخل السوري، بنسبة تتراوح بين 15 إلى 20 ليرة سورية عن كل ليرة تركية واحدة.
يؤكد تاجر سوري لـ”اقتصاد”، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن عدد التجار الذين يستحوذون على تجارة العملة السورية في مدينة عينتاب لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة، واصفاً إياهم بـ”اللوبيات”.
وعن حجم هذه التجارة، ذكر أن أحد التجار الذي تربطه به معرفة، يجمع مبلغاً يزيد عن 11 مليون ليرة سورية بشكل أسبوعي، مضيفاً “يقوم بشرائها من محال الصرافة في مدينة عينتاب بالليرة التركية، ومن ثم يقوم بمبادلتها بالعملات الأجنبية في الداخل السوري، “وبذلك يكون قد حقق أرباحاً طائلة، قد تكون مشروعة”.
وبرغم كل ما ذكر من مؤشرات سابقة، إلا أن الاقتصادي منذر محمد خلال حديث خاص لـ”اقتصاد”، رفض الحديث عن أرباح “مشروعة” يجنيها تجار العملة في الحالة هذه، ليصنف ما يجري على أنه “استغلال” للفقراء من السوريين الذين اصطحبوا معهم مبالغ بالليرة السورية، إلى الأراضي التركية، بطريقة أو بأخرى، موضحاً: “الربح المشروع شيء، والاستغلال شيء آخر”، مشيراً إلى زعم الكثير من الصرافين بأن تصريفهم للعملة السورية يدخل في باب “خدمة السوري”.
ووفقاً لمحمد وهو المفتش المالي المنشق عن النظام، فإن هذه التجارة تشهد رواجاً في الأيام الحالية، سيما وأن الكثير من السوريين لا زالوا يتوافدون إلى المدن التركية، مصطحبين معهم مبالغ بالليرة السورية، بعد انتهاءهم من زيارة الداخل السوري في أثناء فترة عيد الفطر.