عبرت قافلة عسكرية أميركية من منفذ سيمالكا الحدودي بين العراق وشمال شرق سوريا، واتجهت إلى جنوبي بلدة رميلان بريف الحسكة الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعبالكردية، حاملة دعما عسكريا للأكراد.
مساعدات عسكرية أميركية جديدة إذن للأكراد الذين اختارتهم واشنطن شركاء لها في قتال تنظيم الدولة الإسلامية، وحديث عن بناء قاعدة جوية أميركية في بلدة تقع تحت سيطرتهم بسوريا.
ويثير الموقف الأميركي المقتصر على دعم الأكراد في سوريا دون باقي القوى المعارضة، الجدل بشأن احتمالات دفع باقي السوريين صوب بدائل أخرى، خاصة في ظل الدعم الروسي للنظام. وفي مؤشر على قلق إقليمي من الشراكة الكردية الأميركية، استدعت أنقرة السفير الأميركي لديها للاحتجاج على تصريحات للمتحدث باسم الخارجية الأميركية اعتبر فيها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري غير إرهابي.
حلقة 9/2/2016 من برنامج “ما وراء الخبر” ناقشت قصر الدعم العسكري الأميركي في سوريا على الأكراد، وتأثير ذلك على خيارات باقي السوريين.
كبير الباحثين في مركز التقدم الأميركي ومساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لاري كورب قال إن الأكراد قوة مقاتلة فعالة تحارب تنظيم الدولة الذي يشكل مصدر قلق رئيسي للولايات المتحدة، مع الأخذ في الاعتبار أن إدارة الرئيس باراك أوباما لا تريد التورط في الحرب السورية، ولم تتدخل إلا عندما بدأ التنظيم بارتكاب “مجازر للإيزيديين في جبل سنجار”.
وأضاف أن الولايات المتحدة ترى أن التنظيم هش ويمكن تقويضه بمعاونة قوة على الأرض دون تدخل بري أميركي.
أما عن تخصيص الأكراد دون غيرهم بالمساعدة الأميركية، فقال كورب إن أغلب باقي السوريين يقاتلون نظام بشار الأسد، وعندما درّبت الولايات المتحدة فصائل سورية لمحاربة تنظيم الدولة عادوا إلى سوريا ليقاتلوا الأسد، مشيرا إلى أن “هدف إدارة أوباما هو إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة”.
وأضاف كورب أن التهديد الأخطر للمنطقة والعالم بأسره هو تنظيم الدولة، وإذا تم إضعافه في سوريا والعراق فإن بالإمكان بعد ذلك تسوية النزاعات الأخرى.
تكامل أميركي روسي
لكن الكاتب والإعلامي السوري المعارض بسام جعارة قال إنه منذ ما قبل ظهور تنظيم الدولة والسوريون يُقتلون بطائرات ودبابات النظام السوري دون تدخل أميركي، والنظام السوري استخدم السلاح الكيميائي طيلة عامي 2014 و2015 ولم تفعل إشارة أوباما أي شيء.
ولفت جعارة إلى أن أغلب الذين يقاتلون في صفوف الأكراد ليسوا سوريين، وإنما من حزب العمال الكردستاني قدموا من العراق وتركيا.
وأضاف جعارة أن هذه ليست المرة الأولى التي تقدّم فيها الولايات المتحدة أسلحة للأكراد، فقبل أربعة أيام هبطت ثلاث طائرات تحمل شحنة أسلحة أميركية في رميلان، وقبل ذلك ألقت الطائرات الأميركية أسلحة للأكراد بعين العرب (كوباني).
وقال جعارة إن “أميركا تدعم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي حرق القرى العربية ومارس تطهيرا عرقيا”، واستشهد بما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز اليوم من أنه “بات يصعب التمييز بين سياسة أوباما وسياسة بوتين في سوريا”.
واتفق الكاتب والأكاديمي السعودي خالد الدخيل مع جعارة في أن هناك تكاملا بين الدورين الأميركي والروسي في سوريا، بحيث تتولى الولايات المتحدة محاربة تنظيم الدولة، بينما تتولى روسيا محاربة فصائل المعارضة السورية، وكلاهما يتجنب الاصطدام بالنظام السوري.
وأضاف أن من الواضح أن هناك تفاهما أميركيا روسيا على تقسيم سوريا، ويؤيد ذلك دعم الأكراد تحديدا. واتهم الدخيل الولايات المتحدة بأنها تريد رهن الشعب السوري لإرادتها بدلا من خياراته التي ثار من أجلها.
لكن كورب عاد للتأكيد على إدانة أميركا لنظام الأسد، لكنها لن تتورط في الحرب الأهلية، مؤكدا أن الأكراد حققوا الكثير للتصدي لتنظيم الدولة.
وهنا قال الإعلامي السوري بسام جعارة إن أميركا تورطت بالفعل عندما منعت وصول السلاح للشعب السوري، وعندما منعت إقامة المناطق العازلة، وعندما قدمت السلاح للأكراد الذين قتلوا الآلاف وأحرقوا القرى العربية، مؤكدا أن الشعب السوري لن يستسلم وستخرج أميركا وروسيا خاسرتين من سوريا.
وقال الكاتب والأكاديمي السعودي خالد الدخيل إن الولايات المتحدة لا تزال تعيش ظاهرة الإرهاب في أفغانستان، بينما المنطقة تجاوزت هذه المرحلة لأن منبع الإرهاب الآن هو الاصطفافات الطائفية والقومية، وبدلا من أن تلعب أميركا دورا بناء في المنطقة تصطف مع إيران الطائفية والأكراد القوميين.
برنامج ماوراء الخبر ـ قناة الجزيرة