تركيا بوست
يحتشد أكثر من 30 ألف لاجئ سوري قرب الحدود التركية، وهم بانتظار موافقة أنقرة السماح لهم بدخول تركيا، بعد أن اضطرّوا للنزوح بسبب كثافة القصف الروسي على شمال سوريا واحتدام المعارك هناك، وبات معظم هؤلاء النازحين في العراء بعد أن فاقت أعدادهم القدرة الاستيعابية للمخيمات الإغاثية الموجودة على الحدود التركية السورية، ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها منظّمات الإغاثة التركية، لا يزال اللاجئون يواجهون ظروفا شديدة الصعوبة في ظل أجواء الشتاء القاسية، وهناك توقعّات بأن يصل عدد اللاجئين إلى 600 ألف لاجئ في الفترة المقبلة.
وحول هذا الموضوع حاورنا المحلل السياسي التركي “اوكتاي يلماز”، وسألناه عن سبب إغلاق الحدود التركية بوجه هؤلاء اللاجئين، وما هي خطط تركيا لاحتواء هذه الأزمة الحرجة.
ومن أبرز ما يناقشه الحوار:
- إلى أين تسير الأمور في أزمة اللجوء على الحدود التركية السورية؟
- كيف يُقرأ الموقف التركي في عدم السماح بدخول اللاجئين السوريين؟
- هل ستقوم تركيا بتكوين منطقة آمنة على الحدود السورية؟
- كيف تعاملت تركيا مع الوضع الإنساني للنازحين في الجانب السوري من الحدود؟
- لماذا منعت تركيا هذه المرة دخول السوريين؟
- ما هي الخطط التركية لمواجهة أزمة اللاجئين السوريين؟
وفيما يلي نص الحوار:
عند متابعتنا لتغطية الصحف التركية ووسائل الإعلام حول ما يحدث على الحدود السورية، حيث يوجد الكثير من اللاجئين السورين الفارّين من القصف في سوريا إلى الحدود التركية، فبعض الصحف وتحديدا صحيفة “ميلاد” كتبت في خبر لها “تركيا تقول للاجئين لا تأتوا” كيف تقرأ أزمة اللجوء على الحدود التركية السورية؟ وإلى أين تسير الأمور؟
طبعا تركيا لا تقول للاجئين لا تأتوا، إلى أين هم يتوجّهون؟ طبعا يتّجهون إلى الحدود التركية وهذا طبيعي، ولكن السبب هو القصف الروسي على المدن والمدنيين وتقدّم قوات النظام، تركيا ما زالت تحافظ على سياسة الباب المفتوح، والحدود المفتوحة، وفي تركيا يوجد قرابة ثلاثة ملايين لاجئ معظمهم من سوريا؛ لكن تركيا وصلت إلى أقصى قدراتها الإشتراطية (الاستيعابية)، ولا تستطيع أن تستضيف أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ، في بداية الأزمة السورية تم تحديد العدد بأنه مئة ألف لاجئ، لكن عددهم الآن وصل إلى قرابة ثلاثة ملايين، ولكن كما صرّح القادة الأتراك فإن تركيا من المؤكّد أنها ستفتح أبوابها في حالة الضرورة للأطفال وللنساء والشيوخ، ولكن كما قلت فإن استقبال المزيد من اللاجئين بعشرات الآلاف بل بمئات الآلاف، ليس حلّا للقضية السورية، ولا تستطيع تركيا حل أزمة اللاجئين بمفردها، والحل الأمثل في هذه الحالة هو إقامة منطقة آمنة داخل سوريا، وهذا يعني توطين هؤلاء اللاجئين في أوطانهم وتقديم المساعدات الإنسانية لهم داخل بلدهم، وهناك يتم تقديم أشكال المساعدات الإنسانية العادلة.
تطرّقت إلى أن المسؤولين الأتراك سيسمحون للحالات الخاصة بالدخول إلى تركيا، ونحن دائما نسمع من المسؤولين الأتراك رفيعي المستوى يقولون بإن تركيا تعامل اللاجئين السوريين كمعاملة الأنصار للمهاجرين.. اليوم السوريون يطرقون الأبواب على الحدود التركية، ولا تُفتح لهم، وأكثر الحالات التي تأتي إلى الحدود هي إنسانية، كيف ترى الموقف التركي الأخير بالتحديد؟
كما قلت لك، إن تركيا وصلت إلى نهاية قدراتها الاشتراطية، وهي لديها إمكانية محدودة ولا تستطيع استقبال جميع اللاجئين السوريين، ولكن مع ذلك ما زالت تطبّق سياسة الباب المفتوح، فهي تتعامل مع الحالات الإنسانية العاجلة، ولا تنسى في الأسبوع الماضي فقط تم استقبال أكثر من عشرة آلاف لاجئ عند الحدود التركية، ولكن تركيا منذ خمس سنوات وهي تستقبل كل من يلجأ إليها، ودول العالم نسيت أن هناك أزمة سورية؛ لأن تركيا وحدها تتحمل الأعباء، ونسي العالم أن هناك مشكلة اللاجئين؛ لأن تركيا تحمّلتها كلّها؛ وعندما توجّه الجزء القليل فقط من هؤلاء اللاجئين إلى الغرب ماذا حدث؟ قاموا ولم يقعدوا، إذن يجب التعامل مع الحالات الإنسانية العاجلة، ولكن فتح الحدود ليست حلّا، بل يجب إقامتهم وتوطينهم في المناطق السورية حتى يتذكّر العالم أن هناك لاجئين، وأن هناك أزمة في سوريا يجب حلّها بشكل أسرع، ويجب إقامة منطقة آمنة هناك لتقديم المساعدات الإنسانية داخل الأراضي السورية.
ذكرت أن هناك إمكانية لأن تقوم تركيا بعمل منطقة آمنة للسوريين، ما هي توقعاتك حول هذه الخطوة؟ وهل ستقوم تركيا فعلا بتكوين منطقة آمنة على الحدود السورية بحكم الواقع الذي فرضه المشهد السوري المتأزم على الحدود، ماذا تتوقع حول هذا الموضوع؟
في ظل التطورات الراهنة، فإن إقامة المناطق الآمنة بات أكثر إلحاحا وضرورة، كما صرّح بذلك قادة من المعارضة السورية، وكثير من الدول اطّلعت على ضرورة هذه الفكرة لإنقاد الشعب السوري وهؤلاء اللاجئين كذلك؛ وبنفس الوقت حماية تركيا، ولذلك يجب العمل على إقامة منطقة آمنه؛ مثلا خط جرابلس فكرة جيدة، كان يجب تطهير هذه المنطقة قبل أن تسيطر عليها قوات النظام، أو تطهير هذه المناطق من “داعش” وإقامة منطقة آمنة ليتم توطين هؤلاء اللاجئين فيها، وهؤلاء اللاجئون بالمناسبة لا يريدون الإقامة في تركيا، فهم فرّوا من القصف الروسي لينقذوا حياتهم، ويجب توفير الحياة الآمنة لهم هناك.
تكلّمت عن الوضع على الحدود السورية التركية بصورة عامة، هل يمكن أن تشرح لنا الوضع الإنساني هناك، وكيف تعاملت تركيا مع إغاثة النازحين؟
من اليوم الأول ومع بدء وصول اللاجئين، تواجدت هناك منظمات إغاثية حكومية ومنظمات مدنية، وأتمّت جميع تحضيراتها لتقديم المساعدات العاجلة، والآن هي هناك لتقديم جميع المساعدات الإنسانية الضرورية من الخيام إلى الطعام والشراب، وجميع الاحتياجات الأساسية، كل هذا توفّره لهم في الجانب السوري من الحدود، وقد تحدّثتُ مع بعض مسؤولي الجمعيات الإغاثية وأكّدوا أنهم يوفرون جميع الاحتياجات الأساسية، ولا توجد مشكلة كبيرة، ولكن طبعا السوريون تضرّروا كثيرا، واضطروا للفرار من القصف مشيا على الأقدام إلى الحدود، ومن بينهم أطفال ونساء وشيوخ، فالحقيقة أن الوضع صعب، ولكن الحكومة التركية والجمعيات الخيرية تحاول التخفيف من المعاناة وتقديم جميع المساعدات الإنسانية.
بنقاط رئيسية، لماذا منعت تركيا هذه المرة دخول السورين وهي تستقبلهم منذ عشرات الأشهر؟
تركيا لم تقل إنها ستمنع دخولهم، ولكنها تقول إنها وصلت إلى نهاية إمكانياتها الاستيعابية، فالإمكانيات لدى تركيا لها حدود، ولكن مع ذلك فتركيا ستفتح الحدود في حالات الضرورة، وكذلك ربما من الأفضل تقديم الخدمات في الأراضي السورية بدلا من الأراضي التركية، لأن العدد ليس بقليل، نحن نتحدث عن عشرات الآلاف سينزحون في الأيام القادمة، وفي حالة سقوط حلب يمكن أن نتحدث عن مئات الآلاف، ولا يمكننا أن نطالب تركيا بتحمّل جميع الأعباء بمفردها.
ما هي توقّعاتك حول الخطوات التركية لمواجهة أزمة اللاجئين السورين خلال الأيام المقبلة؟
هناك تفكير جاد حول العمل العسكري المشترك مع السعودية، ربما تحت غطاء التحالف الإسلامي، طبعا بالتعاون والتنسيق مع التحالف الدولي، فهناك خطة جريئة من السعودية حقيقة، فهي أكّدت استعدادها لإرسال الجنود للتدخل العسكري، ولكن قبل أن نتحدث عن التدخل العسكري المباشر، يجب تقديم الأسلحة النوعية للمعارضة، وهذا باعتقادي أسهل لحلفاء الشعب السوري، فيجب تقديم ما يلزم، وكذلك يجب توحيد صفوف الفصائل المسلحة وتقديم الاستشارة العسكرية لهم.
هذا عسكريا، ماذا عن الجانب الإغاثي والإنساني للاجئين، فلم تبق سوى تركيا تستقبل اللاجئين تحديدا، كيف سيكون دعم اللاجئين، خصوصا ونحن نمرّ في موسم الشتاء وفي فترة برد، والحدود التركية تمتلئ باللاجئين؟
اللاجئون السوريين في تركيا هم أحسن حالا من جميع اللاجئين في الدول الأخرى، ويتم تقديم جميع أشكال الطعام والمساعدة من التعليم إلى الصحة وغيرها لهم، ولكن طبعا تركيا لا تستطيع بمفردها حل هذه الأزمة، بل يجب أن تتظافر الجهود الدولية هناك، والتحالف الدولي يدرس هذا الموضوع، وأعتقد أن على الاتحاد الأوروبي تقديم المساعدات، ويجب أن يكون هناك تعاون دولي في هذا الشأن.
المصدر:تركيا بوست