غابت الكتل الكردية والسنية في العراق من المشهد السياسي رغم الظروف التي يمر بها البلد، كما أن نوابهم لم يحضروا جلسة التصويت في البرلمان على إخراج القوات الأجنبية بسبب مخاوفهم من عودة تنظيم الدولة الإسلامية بالنسبة للسنة، والعلاقة الوطيدة بين الكرد وأميركا.
وصادق مجلس النواب الأحد الماضي على تفويض الحكومة بإنهاء وجود القوات الأجنبية في أراضي البلاد، ردا على اغتيال كل من أبو مهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي، والجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في بغداد الجمعة الماضية.
مخاوف أمنية واقتصادية
عضو مجلس النواب والقيادي بتحالف القوى د. ظافر العاني يرى أن مخاوف المكون السني على نوعين، الأول أمني، والسبب أن القدرات العسكرية العراقية غير كافية خاصة من الناحية الاستخبارية والمعلومات ومعلومات الأقمار الاصطناعية التي تمتع بها قوات التحالف الدولي، وكذلك القدرات الفنية للقوات الأمنية العراقية التي قد تكون غير كافية لمواجهة الخلايا النائمة لتنظيم الدولة الإسلامية الذي سيستفيد من هذا الظرف في أن ينشط من جديد، لذلك “نعتقد أن قرار البرلمان غير مدروس من ناحية العواقب التي قد تقع على المناطق السنية”.
وقال العاني للجزيرة نت “لدينا قلق من الناحية الاقتصادية خاصة وأن العراق دولة ريعية مواردها نفطية فقط، فضلا عن وجود أعداد هائلة من البطالة وغياب المشاريع الاستثمارية، فضلا عن أن الواردات والعملة العراقية ترتبط بشكل أو بأخر بالخزانة الأميركية، وبالتالي أي عقوبات أميركية ستؤثر على الشعب العراقي بكل مكوناته”.
من جهته يرى عضو التحالف الكردستاني النائب أحمد حما رشيد أن “قرارات العراق تجاه علاقته بالولايات المتحدة تحتاج إلى دراسة طويلة ومتأنية قبل اتخاذ أي قرار، خاصة وأن البلد الآن يقع بين المطرقة والسندان كونه مدينا للجانب الإيراني لمساعدته العراق في الحرب على تنظيم الدولة، وبين الجانب الأميركي الذي أطاح بنظام صدام حسين، ومخاوفنا أن يتعرض العراق لعقوبات اقتصادية وربما وضعه تحت طائلة الفصل السابع”.
وقال للجزيرة نت “العراق له تجربة سابقة في الحصار الاقتصادي، ولا يرغب بالعودة تحت طائلة الحصار، وقد أجمع التحالف الكردستاني الذي ناقش تداعيات قرار البرلمان وتبعاته الاقتصادية -التي قد تؤدي إلى عزلة دولية- على عدم المشاركة في القرار، خاصة وإن وجود القوات الأميركية من عدمه مرهون بالحكومة وليس البرلمان” مشيرا إلى أن “اتفاقية الإطار الإستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة تخدم الجانبين”.
غياب الضمانات
المحلل السياسي أحمد الشريفي أكد للجزيرة نت أن مخاوف السنة والكرد مشروعة، لأن السنة لديهم مخاوف من عودة تنظيم الدولة إلى مناطقهم مع عدم وجود ضمانات من قبل الحكومة لحمايتهم” أما الكرد فإنهم يريدون الإبقاء على علاقتهم الوطيدة مع الجانب الأميركي”.
ومن جانبه أكد الخبير القانوني طارق حرب أن قرار البرلمان لن يكون ملزما وقويا كما هو تأثير وقوة القانون، مبينا أنه أقرب إلى توصيات وتوجيهات قد تستغرق فترة زمنية طويلة لتنفيذها.
وقال أيضا “القرار لم يتوجه إلى إلغاء أي شيء بشكل مباشر بل تضمن عبارات على الحكومة اتخاذ ما يلزم، مما جعله أقرب لتوصيات وتوجيهات قد تستغرق فترة زمنية طويلة لتنفيذها” مشيرا إلى أن “تلك التوصيات لا تقتصر إجراءات تنفيذها على الحكومة الحالية فقط على اعتبار أنها حكومة تصريف أعمال بل تصل إلى الحكومة المقبلة كونها توصيات بحاجة إلى فترة زمنية طويلة لتطبيقها”.
المصدر : الجزيرة