إن التفجيرات الإرهابية التي ضربت العاصمة الفرنسية باريس ستكون بداية لمرحلة جديدة من تعامل الغرب وخصوصاً أوربا في حربها ضد ما تعتبرها المنظمات “الإرهابية” المتشددة وفي مقدمتها تنظيم “الدولة الإسلامية”.
حيث أعلن تنظيم “الدولة الإسلامية” عبر بيان بث على الانترنت مسؤوليته عن تفجيرات باريس يوم أمس، وقال البيان إن التفجيرات تمت عن طريق ثمانية انتحارين مزودين بأحزمة ناسفة مسمياً العملية ب “غزوة باريس”.
وقالت الشرطة الفرنسية اليوم السبت، إنها بدأت بالتعرف على هوية منفذي هجمات باريس الدامية، وأفاد تلفزيون “بي أف أم” الفرنسي أنه جرى العثور على جواز سفر مصري قرب جثة أحد الانتحاريين اللذين فجرا نفسيهما قرب معلب “ستاد دي فرانس”.
ونقلت وكالة “فرانس برس” عن مصادر متطابقة أنه تم تحديد هوية أحد منفذي اعتداء مسرح باتاكلان، وهو فرنسي الجنسية.
وفي وقت سابق، ذكرت مصادر من الشرطة أنه جرى العثور على جواز سفر سوري قرب جثة أحد المنفذين في المكان ذاته خلال عمليات البحث والتحري.
الأصابع بأي حال من الأحوال ستشار إلى تنظيم “الدولة الإسلامية”، باعتبار أن جهود مكافحته على أوجها من جميع دول العالم، لكن ما الذي يدفع التنظيم المتطرف لاستهداف العاصمة الفرنسية رغم أن جهود فرنسا في الحرب ضد التنظيم لا تعدو عشرات الغارات المتفرقة في العراق وسوريا، وهي لم تدخل بكل ثقلها ضمن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.
تعتبر فرنسا من أكثر الدول التي ساندت قضية الشعب السوري منذ بداياتها ووقفت بجانب الثورة السلمية وكان لها موقف واضح من بشار الأسد لا زال يردده المسؤولون الفرنسيون آخرهم الرئيس أولاند نفسه الذي صرح يوم أمس الجمعة ب “وجوب رحيل الأسد ضمن أي عملية سياسية في سوريا”، كما تقدمت فرنسا مؤخراً بمشروع قرار في مجلس الأمن لمنع استخدام البراميل المتفجرة من قبل النظام قوبل برفض واضح من قبل روسيا.
كانت فرنسا أول من دعت لإنشاء مجموعة اتصال دولية لدعم الثورة السورية بعد استخدام روسيا والصين لحق النقض الفيتو في مجلس الأمن ضد قرار يدين نظام الأسد، حيث دعا الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي مطلع عام 2012 لتشكيل هذه المجموعة التي ضمت 70 دولة، وعقدت اجتماعها الثالث في العاصمة باريس في تموز/ يوليو من العام نفسه، كما أن فرنسا كانت أول دولة في العالم تطرد سفيرة النظام السوري لمياء شكور لديها وذلك في 29 أيار/ مايو عام 2012 رداً على مجزرة الحولة التي ارتكبتها قوات النظام وميليشياته في ريف حمص.
واستهدفت هجمات الليلة الماضية ستة مواقع في العاصمة الفرنسية باريس أوقعت 120 قتيلا على الأقل وأكثر من 200 جريح، بينهم 80 في حالة خطرة.
ووقعت التفجيرات قرب ملعب فرنسا الدولي في الضاحية الشمالية لباريس، وفي الشرق الباريسي حيث توجد حانات مشهورة تكتظ عادة بالرواد خلال عطلة نهاية الأسبوع على مقربة من ساحة الجمهورية، كما تعرض مسرح “باتاكلان” في وسط باريس لهجوم قتل فيه نحو مئة شخص، بينما تعرّض مركز للتسوق قرب باريس لهجوم أيضا.
بهذه الهجمات الإرهابية يكون تنظيم “الدولة الإسلامية” عبر تبنيه المسؤولية قد أعطى كل المسوغات الشرعية لاستمرار الحرب ضده، وبالتالي قتل كل الآمال التي يتم البناء عليها من جانب دول أصدقاء الشعب السوري للوقوف مع قضيته، وتوجيه الرأي العام العالمي في اتجاه محاربة “الإرهاب” فقط وهو ما حاول النظام تسويقه منذ بداية الأحداث.
المصدر: اتحاد الديمقراطيين السوريين