“بقيت ثلاث عشرة يوما معلقا على الباب”، بهذه الكلمات بدأ أحمد ابن الخامسة عشر ربيعا يروي معاناته داخل أقبية النظام السوري، وأكمل حديثة “دخلت الزنزانة فرأيت شيخا مضرجا بدمائه وطفلا يبكي من الجوع ويقول (جوعان) وسمعت صوت امرأه وهي تستغيث في زنزانة مجاورة”.
فقد استخدم النظام السوري أساليب تعذيب عدة ضد المعتقلين، واخترع وسائل جديدة ليتفنن الجلادون بتعذيب ضحاياهم، ومن أشهر أنواع التعذيب الذي استخدمه النظام، الكرسي الألماني، الشبح، الدولاب، التعذيب الجنسي كما أفاد لنا بعض الشهود.
سعيد 27 عاما ابن مدينة حمص تحدث بصوت يكاد يخرج من فمه “عذبوني كثيرا لكن كان الأصعب هو التعذيب على الكرسي الألماني، وهو عبارة عن كرسي معدني لا يوجد له مسند، وضعوا الكرسي على ظهري وأنا في وضع الاستلقاء على البطن ويدي مشدود وثاقها لخلف، وتم إدخال قضيب من الحديد ليركب عليها مسند الظهر في يدي من أسفل الإبط ووضعوا رجلي الكرسي على الأرض وقاموا بسحب الكرسي للخلف، وحينها لم أعد أشعر بالعمود الفقري ولا بأطراف جسدي المرهق من التعذيب ولم أعد أستطع التنفس واحسست بتوقف رقبتي عن الحراك”.
وتحدث مختصون عما يسببه هذا النوع من التعذيب وعن الآثار الجانبية الكثيرة منها ضيق التنفس الشديد مع فقدان الوعي بسبب الضغط المعاكس من الخلف على القفص الصدري للأمام، وربما تتكسر أضلاع الصدر أو تتحطم فقرات الظهر ويصاب الضحية بالشلل لمدة مؤقتة أو دائمة حسب مدة التعذيب أو ربما يتبول دماً بسبب الضغط الشديد على الكلى.
وعن أسلوب الشبح فقال المعتقل السابق في سجون النظام محمد الحموي ” لإجباري بالاعتراف بأشياء لم أفعلها قاموا بربط يدي الى الخلف ومن ثم سحبوني بحبل إلى الأعلى ليتدلى جسدي وشعرت وقتها بألم في مفاصل كتفي وضيق تنفس، وأنا معلق بدأت أتذكر رفاقي الذين شلت أيديهم أو تمزقت أربطه الكتف لديهم بسبب هذا النوع من التعذيب وبرغم ذلك النظام لم يوقف التعذيب عنهم ووفي هذه الأثناء قام أحد العناصر المشرفين على تعذيبي بسحبي من قدمي إلى الأسفل لكي أتألم أكثر ”
ومن تأثيرات هذا النوع على صحة المعتقل تتوسع محفظة الكتف مما يسبب ألما قويا في هذه المنطقة وضغط على الأعصاب والأوتار وأحيانا يؤدي إلى انقطاعها حسب مدة الشبح وثقل وزن المعتقل.
” تم تكبيل يدي خلف ظهري بأصفاد بلاستيكية بيضاء وتكبيل قدمي وقاموا بجلب دولاب سيارة وأمرني الضابط بأن استلقي على ظهري فلم يكن لدي مجال للرفض، فتمددت على الأرض منتظرا ما سوف يفعلونه بي، وماهي إلا لحظات قاموا بثني ركبتي المرتعشتين بسبب الخوف الشديد وقاموا بوضع الدولاب حول ركبتي ووضع عصاة أسفل ركبتي لكي لا تخرج من الدولاب ووضعوا راسي داخل الدولاب عنوة فلم أستطع الحراك وأحسست بتشنج أطرافي والعمود الفقري” هكذا وصف احمد ابن الخمسة عشر ربيعا طريقة تعذيبه في معتقلات النظام.
وهذه الطريقة تسمى الدولاب ولها تأثيرات عديدة على جسد المعتقل فتسبب توسعا بين فقرات العمود الفقري وضيق بالتنفس وتمدد في أوتار الركبة.
في المنظمات الدولية يوجد عدة قوانين تحمي الأسرى والمعتقلين وتنص على الحفاظ على أرواحهم وكرامتهم وحظر التعذيب وحماية النساء والأطفال، وأخرى تتطرق لحق الغذاء والصحة وهذه القوانين ليست إلا حبرا على ورق لدى النظام السوري ولم يدخل أي منها حيز التنفيذ وبشكل خاص خلال السنوات الخمس المنصرمة ضاربا عرض الحائط أنه لا يهتم للقوانين الدولية ولا يوجد مراقبة أو محاسبة له.
لقد كان أحمد واحدا من بين مئات الألوف من المتعقلين القابعين خلف القضبان، سواء كانوا في الأفرع الأمنية أو مغيبين أو ممن قتل وتحول لرقم بعد أن دفن أو ممن دفن دون أن يمر على أي محكمة أو لم توجه له أية تهمة.
مجلة الحدث – مخلص الاحمد
خلف القضبان