العربي الجديد – سمير سعيفان
لا يبدو أن الروس قد غيروا من أهداف لقاءات موسكو السورية، على الرغم من أنهم مضطرون، هذه المرة، للخروج بشيء ملموس لحفظ ماء وجههم، ولكي لا يقال إن من ذهب إلى لقاء موسكو الثاني عاد “بخفي حنين” للمرة الثانية. ولا تتضمن دعوتهم إلى هذا اللقاء سوى تعديلات شكلية، فقد دعوا بعض المكونات بأسمائها، وتركوا لها تحديد ممثليها، ووضعوا بعض البنود لموضوعات للحوار، والباقي بدون تعديل. وبقيت غاية لقاء موسكو، بحسب الدعوة، هي “الوصول إلى مصالحة وطنية وتسوية الأزمة”، ولم يتحدثوا عن حل سياسي وفق مبادئ جنيف، بل سيبحثون “أسس العملية السياسية بما في ذلك بيان أحكام جنيف”، أي أصبحت جنيف مسألة ثانوية.
يبدو النظام، من جهته، مصراً على حله الأمني، وليس في وارده أي حل سياسي الآن. وبحسب مشاركين في لقاء موسكو الأول، كلما تقدم الحوار مع وفد النظام آنذاك جاءت الأوامر من دمشق التي كانت على اتصال لحظة بلحظة، بأن عودوا إلى المربع الأول، ويتم إفشال أي شيء. ويذهب النظام إلى موسكو الثاني استجابة لطلب الروس، ولرغبته في الظهور بأنه يحاور المعارضة من جهة، ويسعى، من جهة أخرى، وبمساعدة الروس، على تمييع مكوناتها، وتشتيت مواقف اطرافها، ويأمل بأن يسهم في شقها، وإضعافها أكثر، والترويج، مستقبلاً، لحل “تحت سقف الوطن”، وهذا، في أفضل الأحوال، تشكيل حكومة ترأسها شخصية معارضة معتدلة، والباقي من دون تغيير. مراهناً على أن تتحول الحرب على الإرهاب إلى رافعة لإعادة تأهيله، على الرغم من أن خسائره، أخيراً، في إدلب وبصرى الشام ومعبر نصيب تقلقه، وتنال من سمعته، وقد تدفعه إلى تقديم تنازلات ثانوية. كما أنه مضطر لمنح الروس شيئاً ما، للظهور بأن لهم دوراً إيجابياً. وقد يخرج اللقاء بإطلاق بعض المعتقلين، ولديه كثيرون، والسماح بإدخال مساعدات إغاثة إلى مناطق يحاصرها في دمشق والغوطة، من دون أن يفك حصارها.
ليس الإيرانيون جاهزين، اليوم، لأي تسهيل في سورية، فعاصفة الحزم على أشدها، ولن تتساهل إيران في سورية اليوم، طالما أن اليمن مشتعلة، لكنهم لن يصعّدوا أكثر، بعد إبرام خطوط عامة لاتفاق النووي الذي سيعد بصيغته النهائية في الشهور الثلاثة المقبلة. يبدو أن إيران باتت تستخدم روسيا لخدمة استراتيجيتها أكثر مما تستخدم روسيا إيران لخدمة استراتيجيتها، ويساعد إيران في ذلك أن روسيا المعزولة عالمياً لا تجد لها موطئ قدم في السياسة العالمية سوى في البقعة التي تملك إيران تأثيراً فيها. من هنا، أصبحت إيران هي من يرغم الروس على السير وفق استراتيجيتها، وليس العكس.
المعارضة السياسية، ولا تشمل، هنا، المعارضات التابعة للنظام، مشتتة تنظيمياً، متوافقة في غاياتها النهائية بالانتقال إلى نظام تعددي ديمقراطي تداولي حر، وفق جنيف وتشكيل هيئة حكم انتقالي، لكنها متباينة في تكتيكاتها. ودافع الذاهبين إلى موسكو، بحسب ما سمعت من بعضهم، وقد وجهت الدعوة لنحو 30 شخصية قد يحضر منهم 20، هو دافع إنساني، وأنهم لن يتطرقوا للجانب السياسي، فالذاهبون إلى موسكو غير مفوضين، لبحث الجانب السياسي الذي مكانه جنيف، لكن دافعهم للمشاركة انسداد آفاق أي حل قريب، وعقم الاستمرار في صراع مسلح قاتل يمزق البلد، فلا أحد مستعجل لإيجاد حل للكارثة السورية سوى الشعب السوري الذي يدفع الثمن، ورغبتهم في استغلال أية فرصة لكي تبقى القضية السورية على صفيح ساخن، عسى أن يتحقق شيء، يخفف معاناة الشعب على يد نظامه التي فاقت كل تصور، وأن لديهم صوراً وحكايات مؤلمة عن ممارسات النظام سيعرضونها في المؤتمر وعبر وسائل الإعلام. وسيطرحون موضوعات المعتقلين وجرائم الحرب والقصف بالبراميل والحصار والإغاثة. كما يحمل بعض المشاركين مشروعاً لتشكيل مجلس أعلى لحقوق الإنسان، يشكل مناصفة بين النظام والمعارضة، برئاسة شخصية معارضة، وبإشراف الأمم المتحدة، وسلاحهم أن النظام وافق في 2011 على إنشاء هذا المجلس، وقد وعدهم الروس بدعم هذا المشروع، وهو طموح كبير لن يتحقق منه شيء، لأن تحقيقه يعني سقوط النظام. ويس%