لغة الصفير ومن منا لا يتذكر تلك العادة القديمة التي كنا نستخدمها عندما كنا صغاراً للفت انتباه شخص نريد التحادث معه عن بعد، لكن تلك العادة اندثرت بفعل التطور التقني الحديث والتكنولوجيا الحاضرة وبقوة في عصرنا الحالي فتخيل أنك مضطر لمناداة شخص ما أو حدث طارئ ما وليس بين يديك جوال فأنت في “البرية” كيف تنادي وتطلب النجدة من أصدقائك أو أقاربك البعيدين عنك؟
لابد من التفكير جيداً واختلاق وسيلة ما للتحادث ودرء الأمر فالحاجة أم الاختراع وهذا ما قام به سكان قرية كوشكوي Kuşköy وتعني قرية العصافير لكثرة العصافير والطيور فيها وهذه القرية الوادعة تقع في منطقة جاناكتشي (Canakçı)بولاية غيراسون التركية.
اعتمد سكان قرية كوشكوي على الاختراعات الذكية لتذليل صعوبة التواصل فيما بينهم في ظل عدم وجود الكهرباء ووسائط التحادث المتطورة فلجؤوا قبل 400 سنة لابتكار حيلة بسيطة للتواصل هي لغة الصفير وأطلقوا عليها اسم لغة الطيور أو كوش ديلي kuș dili،
وهذا الابتكار الذكي للتواصل أتى نتيجة الطبيعة الجبلية للقرية ذات المنحدرات الوعرة التي تزيد مشقة السفر حتى وإن كانت مسافة الطريق قصيرة ونظراً لكون المزارعين هناك بأمس الحاجة للعمل في مزارعهم والاستفادة منها في تأمين حياتهم.
أبناء تلك القرية الجبلية الهادئة استوحوا فكرة التواصل تلك من زقزقة العصافير التي تملأ المكان وكان لا بد من طريقة بديلة للمناداة وهي الصفير فاستخدموا بعض الكلمات الأكثر تجاوباً وفاعلية والأقل هدراً للطاقة من الصياح أو الركض لمسافات بعيدة حتى الوصول للشخص المنادى بهدف التواصل معه أو محادثته .
واستطاع قرويو كوشكوي من صياغة مقاطع من لغة الصفير لإيصال رسالة ما عن ضيف قادم أو المساعدة أو عزيمة أحدهم لشرب الشاي وحتى أنهم ابتكروا مقاطع وجمل طويلة عبر الصفير.
ويبلغ المدى الفعلي لصدى لغة الصفير مسافة واحد كيلو متر وعندما تكون المسافة المراد إيصال الرسالة إليها يقوم السكان بتمرير الرسالة لتصل إلى صاحبها بوضوح حيث تربط الأهالي علاقات اجتماعية متينة.
وفي عام 1986 حصلت القرية الجميلة على نعمة الكهرباء فاستمر الأجداد القدامى في التواصل كالعصافير وأصبحت بالنسبة للشباب طي النسيان بسبب هجرة الشباب وطلب الرزق والعمل في المدينة .
صهيب مفوض الابراهيم
المركز الصحفي السوري