تواجه صناعة الفخار في لبنان شبح الانقراض بعدما كانت قبل عام 2000 مصدرا مهما للسياحة والتسوق، يقبل عليها الأجانب والعرب، فباتت الصناعة “آيلة” للانكسار بعد أن اقتصرت على 4 مصانع فقط.
وامتاز لبنان عبر التاريخ بهذه الصناعة تحديدا، منذ عهد أجداده الفينيقيين الذين نقلوا صناعتهم إلى عدد من دول العالم حيث بدأ الاهتمام بالفخار آنذاك.
عدد محدود جدا من الحرفيين يعملون اليوم بهذه الصناعة، ففي شمال لبنان هناك قريتان فقط، أما في محافظة جبل لبنان (غرب) فتوجد قريتان أيضا (بيت شباب في قضاء المتن، وبشتفين في قضاء عاليه).
فيما توجد في محافظة البقاع (شرق) قرية واحدة تشتهر تماما بالفخار وهي “راشيا الفخار”، أما في الجنوب فهنالك معمل (مصنع) واحد يقع في منطقة الغازية الساحلية تديره عائلة فلسطينية.
وهجر اللبنانيون حرفة الأجداد مؤخرا بعد أن تراجع الإقبال عليها، وباتت قليلة الربحية أمام غزو المنتجات الصينية البلاستيكية والمعدنية، والتي باتت بديلة للفخار الأعلى كلفة.
يقول محمد نمر عطا الله، مالك معمل “الوحيد” لصناعة الفخار، جنوبي لبنان، لمراسل الأناضول، إن أجداده امتهنوا هذه الصناعة، ويحاول بدوره توريثها لأبنائه حال رغبوا بذلك.
ـ عودة الطلب بعد ركود السوق
بالنسبة إليه، وبحسب مراقبته للسوق، يرى عطا الله أن الطلب على الصناعات الفخارية عاد ليزدهر في الآونة الأخيرة بعد فترة ركود، لكنه غير كافٍ، والسبب رغبة الجيل الجديد في العودة إلى الزمن الجميل والمصنوعات الطبيعية.
عدا عن استخدام أباريق الفخار بشكل كبير، فهنالك شريحة كبيرة من اللبنانيين وبعض العرب، يختارون أجرار الفخار للزينة، كما يقبل البعض على شراء الحلل (أواني الطبخ) والمقالي الفخارية كونها تضيف نكهة مميزة للطعام وصحية أكثر من صناعات المعادن.
بالنسبة إلى الدول التي تستورد من لبنان الفواخير، فهي الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض الدول الإفريقية، إضافة إلى الإمارات العربية المتحدة.
ويضيف عطا الله قائلا، “يبلغ عدد تصدير القطع الفخارية من مصنعنا حوالي 500 قطعة سنويا، لكن بالنسبة إلى المجموع العام لعدد الصادرات من قبل المعامل الأخرى لا أمتلك رقما دقيقا”.
ـ صناعة الفخار تحتاج إلى وقت
عن كيفية تصنيع الفخار يقول مصطفى عطا الله (ابن عم محمد وشريكه) إنها تحتاج إلى وقت طويل، حيث يتم صنعه من التراب الأبيض والأحمر والرمل الأبيض، ويتم مزجها سويا ليكون الأساس في صناعة عجينة الفخار.
ويتابع للأناضول “بعد ذلك يتم وضعها (العجينة) في حوض ماء، ويقوم العامل بتحريكها حتى الذوبان، ثم توضع لتجف، وفي السابق كان يتم الخلط عبر استخدام اليدين والرجلين”.
ويضيف مصطفى “يتم ترطيبها بشكل مستمر لحين استعمالها، فتعجن العجينة، وتوضع على دولاب يبدأ باللف بشكل مستمر ويقوم العامل بإعداد الفخار بالشكل الذي يريده ويزخرفه ويترك لمدة خمسة عشر يوما لتجف”.
يسوّق معمل عطا الله بين 6 و7 آلاف قطعة سنويا داخل لبنان بسعر لا يقل عن الدولار الواحد للقطعة الصغيرة، ويصل إلى مبلغ لا يتجاوز 60 دولارا عن القطعة الكبيرة.
ويعتبر عطا الله أن أرباح هذه الصناعة محدودة للغاية، وبالكاد توفر دخلا شهريا لأصحاب المعامل نتيجة تراجع الطلب عليها بشكل كبير قياسا بالمصنوعات البلاستيكية المنافسة والتي يتم استيرادها في أغلب الأحيان من الصين.
واشتهر الفينيقيون بصناعة الأوعية الفخارية بكافة أشكالها، فالمفتوحة كالأطباق تستخدم للأغذية والطعام، أما المغلقة كالجرار، مع فتحة صغيرة على رأسها، كانت تستعمل لحفظ ونقل السلع الغذائية أو السوائل، والأباريق للشرب أو لصب السوائل.
الأناضول