بعد انتظار دام 15 عاما، تهيمن على الشارع السُني في لبنان حالة انقسام، تغلب عليها خيبة أمل، منذ إعلان المحكمة الدولية، الثلاثاء، قراراتها في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري.
المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ومقرها في مدينة لاهاي بهولندا، أدانت “غيابيا” سليم عياش (56 عاما)، وهو عضو في جماعة “حزب الله” اللبنانية حليفة النظام السوري وإيران، باغتيال الحريري.
بينما برأت المحكمة المتهمين الثلاثة الآخرين، وهم حسن حبيب مرعي، وحسين حسن عنيسي، وأسد حسن صبرا، وقررت أنه لا دليل على أن “قيادة حزب الله” كان لها دور في اغتيال الحريري، وكذلك لا دليل مباشر على ضلوع سوريا في الجريمة.
وعياش، وفقا للمحكمة، هو المسؤول عن الخلية التي نفّذت عملية الاغتيال وشارك فيها شخصيا، عبر تفجير استهدف موكب الحريري في العاصمة بيروت، ما أودى بحياة الحريري و21 آخرين، في 14 فبراير/ شباط 2005.
شعور بالحسرة
غالبية مناصري “تيار المستقبل”، بزعامة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري (نجل رفيق)، هم من الطائفة السُنية، وأصيب الكثير منهم بخيبة أمل من قرارات المحكمة.
وقال محمد رمضان (21 سنة)، طالب جامعي من جبل لبنان، إنه شعر بحسرة من هذا الحكم المنتظر منذ 15 عاما.
وأضاف: “الشارع كان ينتظر أن تدين المحكمة حزب الله والنظام السوري باغتيال الشهيد رفيق الحريري، وليس شخصا واحدا فقط”.
ونشرت آمال طالب، من مدينة طرابلس شمالي لبنان، صورة لرفيق الحريري على صفحتها بـ”فيسبوك” وأرفقتها بجملة: “لا عدل ولا عدالة بعد عمر رضي الله عنه”.
وكتب روي البخاري (27 سنة)، يعمل في إحدى شركات بيروت، على “فيسبوك”: “لو لجأنا لمخفر الجميزة (مركز أمن في بيروت) لوصلنا لنتيجة أسرع وأوفر”.
وساخرا، قال غسان فرّان (27 سنة)، صحافي من طرابلس، إن “الأمر الوحيد الذي يفي الغرض أننا دفعنا 800 مليون دولار على سعر 1500 ليرة (السعر السابق للدولار مقابل الليرة اللبنانية)”.
وشكلت المساهمات الطوعية من دول 51 في المئة من تمويل المحكمة الدولية، فيما ساهم لبنان بالنسبة المتبقية.
ويعاني لبنان، منذ أشهر، من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، وتهاوى سعر صرف الليرة إلى 9 آلاف مقابل الدولار الواحد في السوق غير الرسمية، مقابل 1507.5 ليرة لدى مصرف لبنان.
وقال وليد قميرة (28 سنة)، مدرّس جغرافيا من بيروت، إن “هذا الحكم غير عادل، ومحكمة الله هي فقط من تحكم بالعدل”.
وتابع: “الإحباط الأساسي هو في الاحتفالات التي عمّت مناطق نفوذ حزب الله عقب الإعلان عن الحكم.. معظم أهالي بيروت غير راضين عن هذا الحكم المجحف”.
فيما ذهب خالد شبو (24 سنة)، طالب جامعي من جبل لبنان، إلى أن الله أنصف رفيق الحريري “يوم ارتقائه شهيدا”.
وأردف خالد، وهو يرفق صورته على “فيسبوك” بصورة سعد الحريري: “الأبشع من هذا النهار (يوم إعلان الحكم) هو جهابذة التبرير”.
إدانة لـ”حزب الله”
بالمقابل، توجد فئة من الشارع السنُي اللبناني راضية عن قرارات المحكمة الدولية.
ورأى رائد حسون، من طرابلس، أن “المحكمة أثبتت أن حزب الله هو من قتل رفيق الحريري”.
واستطرد عبر “فيسبوك”: “حقيقتان ظهرتا: أن المحكمة غير مسيسة وأن قيادي كبير في حزب الله (سليم عياش) قتل رفيق الحريري، وتسبب في خراب لبنان”.
فيما كتب محمد روّاس (في العقد الخامس)، من مدينة صيدا جنوبي لبنان، أن هذا الحكم حمل رسالة مفادها أن “زمن استخدام الجريمة في السياسة من دون عقاب ومن دون ثمن قد انتهى”.
وحدّدت المحكمة 21 سبتمبر/ أيلول المقبل موعدا لإصدار العقوبة بحق عياش.
وعقب صدور قرارات المحكمة، قال سعد الحريري، الثلاثاء، إنه “أصبح واضحا أن شبكة القتلة خرجوا من صفوفه (حزب الله)، ويعتقدون أنّه لهذا السبب لن يتسلموا إلى العدالة وينفذ فيهم القصاص: لذلك أكرّر: لن أستكين حتى يتم تسليمهم للعدالة وينفذ فيهم القصاص”.
لكن جماعة “حزب الله”، وهي شريكة في حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة حسان دياب، ترى أن هذه المحكمة أداة سياسية بيد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. وتضع إسرائيل كلا من إيران “وحزب الله” في خانة ألد أعدائها.
وأعلن أمين عام الجماعة، حسن نصر لله، الجمعة، أن الحزب سيتعامل مع قرار المحكمة “وكأنه لم يصدر”.
فيما دعا الرئيس اللبناني، ميشال عون، اللبنانيين إلى القبول بقرارات المحكمة الدولية، مشددا على ضرورة الوحدة والتضامن، ومحذرا من إثارة الفتنة.
نقلا عن القدس العربي