“ماذا نفعل أمام نظام يعتبر القتل بالنسبة له وأمام العالم والكاميرات وأجهزة الإعلام مجرد تسلية وانتقام من شعب أراد تغيير حياته. لأن العالم وقف يتفرج دون أي حركة وكأن ذلك ضوء أخضر للاستمرار,
ربما لا نستطيع نحن شيئا ولكن على الأقل يمكننا الصراخ . يمكننا الصراخ وبأعلى صوتنا ونستمر حتى لو بحت أصواتنا, فلربما هناك من يستطيع فعل شيء وينزعج من صراخنا فيقوم بفعله ليس دفاعا عن المعتقلين ولا عن حقوق الإنسان التي أصبحت لدى صناع القرار العالمي والمؤثرين على الأحداث مجرد شعار وسلعة يبيعون ويشترون بها حسب مصالحهم دون النظر لأي اعتبار انساني أو حتى قانوني, وإنما يقوم بفعله للارتياح من صراخنا على الأقل فعلى الأقل نكون قد حققنا شيئا.
لا تمّر لحظة على إلا وأتخيل وضع المعتقلين حالتهم التي كنا على تماس مباشر معها حين يحولون للمحاكم من الأفرع الأمنية والمعتقلات ولا عن شهاداتهم عن الظروف والأوضاع التي عانوا منها وعن الضحايا الذين قضوا بين يديهم من التعذيب أو من الجوع أو من البرد أو من الاختناق أو من الأمراض التي كان يمكن معالجتها بحبة دواء ضنّ عليهم بها سجّانهم . ولا تمر لحظة دون ان أسترجع روائح أجساد المعتقلين الذين قدموا للمحكمة من المعتقلات والتي اجبرت القضاة والموظفين على الهروب من المحكمة ولبس الكمامات. لا تمر لحظة دون أن أتذكر اصدقاء غابوا بالمعتقلات دون أن يظهر خبر عنهم خليل.. فايق.. عبد العزيز وماهر وإياس ..زكي ومهيار ..عدنان …….ومئات وآلاف عشرات الألوف .
لنصرخ بكل أصواتنا علّ وعسى يسمع المعتقلين صراخنا فيعرفون على الأقل أنهم ليسوا وحدهم فيكفّون عن الموت بصمت”.
صفحة: أنور البني