لم يمض على إعلان روسيا عن مفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن الوضع في حلب، سوى يوم واحد، حتى أعلنت عن فشل المفاوضات المقرّرة بين الطرفين في جنيف، في وقت حذرت فرنسا من احتمال تقسيم سورية، وانتقدت ألمانيا “عجز” المجتمع الدولي.
فقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم الثلاثاء، فشل مبادرة نظيره جون كيري حول تسوية الوضع في حلب، “بعد سحب الجانب الأميركي اقتراحاته” بهذا الشأن.
وقال لافروف، في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام لمجلس أوروبا ثوربيورن ياغلاند، في موسكو، إنّ “واشنطن أبلغت موسكو بسحب اقتراحاتها السابقة بشأن حلب، وبعدم إمكانية بدء المشاورات بهذا الشأن الأربعاء”.
وكان لافروف قد أعلن، أمس الإثنين، عن محادثات قريبة بين الروس والأميركيين، في جنيف، مرجّحاً بدءها اليوم الثلاثاء، أو صباح الأربعاء، بهدف وضع آليات خروج “كل مقاتلي” المعارضة من شرق حلب.
واليوم، قال وزير الخارجية الروسي، إنّ “اقتراح خروج المسلحين من شرق حلب ليس مطروحاً حالياً، لأنّ روسيا والولايات المتحدة لم تتوصلا إلى اتفاق بهذا الشأن”، متوعّداً في الوقت ذاته، مقاتلي المعارضة الذين رفضوا الخروج بأنّه “سيتم القضاء عليهم”.
”
لافروف:
اقتراح خروج المسلحين من شرق حلب ليس مطروحاً حالياً
”
واتهم لافروف واشنطن، بـ “التراجع للمرة الثانية منذ بداية سبتمبر/ أيلول الماضي عن التوصل إلى اتفاق حول تسوية الأزمة في حلب”، معتبراً أنّ هناك فشلا في إقامة “حوار جدي” مع الولايات المتحدة.
وأضاف لافروف أنّه لا يفهم “مَن يتخذ القرارات في واشنطن، لكن هناك، على ما يبدو، قوى تسعى إلى الإساءة لشخصية جون كيري”.
من جهة أخرى، قال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، اليوم الثلاثاء، إنّ “الكرملين يأسف لأنّ رد فعل الولايات المتحدة، ودول أخرى على قصف مستشفى عسكري ميداني روسي في حلب كان محدوداً”.
وأضاف، بيسكوف، في مؤتمر عبر الهاتف مع الصحافيين، “نأسف لأنّ رد فعل المجتمع الدولي بما في ذلك شركاؤنا بالولايات المتحدة متواضع جداً إزاء الفاجعة التي وقعت بالهجوم على المستشفى الميداني”.
ويأتي الموقف الروسي، غداة إجهاض موسكو وبكين، أمس الإثنين، مشروع قرار قدّمه أعضاء في مجلس الأمن الدولي بشأن حلب، يدعو إلى وقف القتال في المدينة بعد 24 ساعة من اتّخاذ القرار، وإعلان هدنة لا تقلّ مدّتها عن سبعة أيام، قابلة للتجديد. وهي المرة السادسة التي تستخدم فيها روسيا، حليفة النظام السوري، الفيتو حول سورية منذ مارس/ آذار 2011، والمرة الخامسة بالنسبة للصين.
في هذا الوقت، حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت، اليوم الثلاثاء، من احتمال تقسيم سورية، متحدّثاً عن جزء “سورية المفيدة” الذي سيكون تحت سيطرة النظام وحلفائه، والآخر “داعشستان” تحت سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش).
”
إيرولت:
تقسيم سورية يلوح في الأفق، مع خطر تشكيل داعشستان بحانب سوريا المفيدة
”
وقال إيرولت، في مقابلة مع إذاعة “آر اف اي”، “ليس لأنّ حلب ستسقط خلال أسابيع، سيتم حلّ قضية السلام”.
ولفت الوزير الفرنسي إلى أنّ “هناك منطق الحرب الإجمالي الذي يسعى للاستيلاء على كل سورية المفيدة” التي تشمل غرب البلاد، والمنطقة الممتدة من حلب إلى دمشق، ومنطقة اللاذقية الساحلية، ومدينة حمص.
وتابع “هذا الوضع المأساوي سيزداد سوءاً”، محذراً من أنّ “هذه الفوضى تهدّد الاستقرار في المنطقة، ولا تسمح بالقضاء على تهديد داعش”.
ونبّه إلى أنّ “مع هذه الحرب الشاملة، يلوح تقسيم سورية في الأفق، مع خطر تشكيل داعشستان بحانب سورية المفيدة”، متوقعاً أنّ “خطر التطرّف والإرهاب سيبقى في هذه المنطقة”. وشدّد الوزير الفرنسي على أنّ الحل الوحيد هو إجراء مفاوضات سياسية، مذكّراً بأنّ “المسار العسكري يؤدي إلى فوضى دائمة في هذه المنطقة”.
وفي المواقف، اعتبرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، أنّ “عجز المجتمع الدولي عن مساعدة حلب عار”، مشيرة إلى مسؤولية النظام السوري وداعميه الروسي والإيراني.
وقالت ميركل، اليوم الثلاثاء، إنّ “حلب عار… من العار أنّنا غير قادرين على إقامة ممرات إنسانية، لكن يجب أن نستمر” في المحاولة.
يذكر أنّ باريس، قد أعلنت عن عقد اجتماع يضم الولايات المتحدة ودولاً أوروبية وعربية “ترفض منطق الحرب الشاملة” في سورية، السبت المقبل، في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول الحالي، في العاصمة الفرنسية.
(العربي الجديد)