قالت روسيا إن الانتخابات التشريعية السورية لا تتعارض مع محادثات السلام الجارية بين وفد النظام والمعارضة برعاية الأمم المتحدة، مؤكدة أنها تتوافق مع الدستور.
وتعلق موسكو على الانتخابات التي انطلقت صباح الأربعاء بمشاركة أكثر من ثلاثة آلاف مرشح لانتخاب 250 عضوا برلمانيا، وتكشف عن أن روسيا تمضي بوتيرة قصوى لفرض رؤيتها للحل في سوريا وهي رؤية تشدد أساسا على ضرورة بقاء بشار الاسد في المعادلة السياسية القادمة.
ويقول مراقبون إن روسيا ليست لديها أي وهم في أن الانتخابات التشريعية في سوريا هي تمهيد لانتخابات مبكرة قادمة في سوريا.
وفي مارس/آذار 2016، أكد المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أن الانتخابات الرئاسية في سوريا يجب أن تجري بعد 18 شهرا.
ومن الواضح بالنسبة للمحللين أن المعارضة السورية ستكون مجبرة على القبول ببقاء الاسد ضمن اللعبة السياسية لا سيما وأن الرجل يجد من يدافع عن بقائه بكل قوة، بينما تعاني قوى المعارضة من العزلة وعدم وجود حلفاء دوليين اقوياء يستطيعون مساعدتها على فرض شروطها على النظام والتي اهمها رحيل الاسد من أي عملية سياسية في المستقبل.
ويبقى مصير الأسد نقطة خلاف في مفاوضات السلام، إذ تصر حكومات غربية وخليجية على ضرورة رحيله في نهاية فترة انتقالية طرحت بموجب خارطة طريق أعدتها القوى الكبرى في فيينا العام 2015. وتقول روسيا وإيران إن السوريين هم الذين يجب أن يقرروا هذه المسألة.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إن موسكو لا تعلم شيئا عن الخطة “ب” بخصوص الوضع في سوريا، ولم يناقش أحد مع روسيا أي خطة.
وتعليقا على تقارير إعلامية تحدثت عن وجود خطة بديلة أعدتها الولايات المتحدة في حال فشل المفاوضات السورية، نقلت قناة “روسيا اليوم” على موقعها الإلكتروني عن ريابكوف قوله الأربعاء “من وقت لآخر، يظهر حديث عن خطة ما.. لا نعلم شيئا عن أية خطة ‘ب’، ولم يناقشها معنا أحد، نحن نعمل على وقف الأعمال القتالية.. وإذا وُجدت خطة ‘ب’، في شكل انتقال إلى عمل عسكري ممكن، فإن ذلك يثير قلقا وخيبة أمل كبيرين”.
وتستأنف الأربعاء جولة جديدة من المباحثات الرامية إلى إنهاء الأزمة السورية.
ووفقا للمبعوث الأممي لسوريا ستافان دي ميستورا فإن هذه الجولة “حاسمة، لأنها سوف تركز على الانتقال السياسي..”.
ويقول مراقبون إن نظام الاسد يستغل الانتخابات التشريعية للتشويش على المفاوضات التي تجري في نفس اليوم الذي عادا فيه فريقا الطرفين السوريين المتفاوضين للالتقاء في جنيف.
وفتحت المراكز الانتخابية التي تجاوز عددها السبعة آلاف أبوابها في السابعة من صباح الأربعاء ومن المقرر أن تستمر حتى السابعة مساء. وقد يتمّ تمديد فترة التصويت خمس ساعات إضافية.
وتعد هذه ثاني انتخابات تشريعية سورية تجري في ظل الحرب المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات، والتي أدت إلي مقتل أكثر من 250 ألف شخص وخلقت أسوأ أزمة لاجئين في العالم وسمحت بصعود تنظيم الدولة الإسلامية واجتذبت قوى إقليمية ودولية.
وتقول الحكومة السورية إن الانتخابات تجري بما يتوافق مع جدول زمني حالي يتطلب إجراءها كل أربع سنوات.
لكن المعارضة السورية والعديد من الدول الغربية تندد باجراء هذه الانتخابات التي تعتبر الثانية في سوريا منذ بدء الاحداث عام 2011.
ونددت فرنسا الاربعاء بما اسمته “مهزلة الانتخابات” التشريعية التي يجريها النظام السوري في المناطق الواقعة تحت سيطرته، وشددت على ان الانتخابات الوحيدة التي يعتد بها في سوريا هي تلك الملحوظة في خريطة الطريق التي وضعتها الامم المتحدة.
وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال ان الانتخابات التشريعية التي تجري الاربعاء في سوريا “تمت من دون حملة انتخابية فعلية، وتحت اشراف نظام قمعي، ومن دون مراقبة دولية”.
وتابع المتحدث “ان المدعوين للمشاركة في هذه الانتخابات هم فقط سكان منطقة محدودة، في حين استبعد منها ملايين السوريين النازحين او اللاجئين في الخارج”.
وذكر المتحدث ان قرار مجلس الامن رقم 2254 الذي صدر في كانون الاول/ديسمبر ينص على اجراء انتخابات بعد تشكيل هيئة انتقالية واقرار دستور جديد للبلاد.
واضاف المتحدث ان هذه الانتخابات “يجب ان تجري تحت اشراف الامم المتحدة وحسب معايير دولية لجهة الشفافية والنزاهة”.
وتعهدت الحكومة وعدد كبير من الجماعات المسلحة باحترام اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي تم التوصل إليه في فبراير/شباط بهدف السماح باستئناف المساعي الدبلوماسية لإنهاء الحرب ولم تكن جبهة النصرة والدولة الإسلامية جزءا من الاتفاق.
ويواجه اتفاق “وقف الأعمال القتالية” – الذي شهد بالفعل انتهاكات على نطاق واسع – ضغوطا دفعته إلى شفا الانهيار بسبب اشتداد القتال بين قوات الحكومة السورية وجماعات مسلحة قرب حلب.
ويسلّط التصعيد الضوء على المشهد القاتم بالفعل بالنسبة لمحادثات السلام المقرر أن تستأنف هذا الأسبوع في جنيف.
وتقول الأمم المتحدة إن المحادثات ستستأنف يوم الأربعاء، بينما قال وفد الحكومة السورية إنه مستعد للانضمام للمحادثات بدءا من الجمعة.
والثلاثاء، عبرت فرنسا وإيران عن قلقهما من تصاعد العنف في سوريا بعد تحذيرات مماثلة من الولايات المتحدة وروسيا وسط الضغوط التي يتعرض لها اتفاق الهدنة الهش جراء القتال قرب مدينة حلب.
ومنذ الصباح الباكر فتح الاتحاد العام للنقابات أبوابه لاستقبال الناخبين ووضعت طاولتان عليهما صندوقان وسط صورة ضخمة للرئيس بشار الأسد وتمثال ذهبي لوالده الرئيس الراحل حافظ الأسد.
وقال هاشم ونوس (67 عاما) وهو صحفي متقاعد إن الانتخابات تجعل الدولة أقوي وأعرب عن أمله في تحسن الأوضاع قائلا “نحن نخبة مثقفة ونتمنى أن يتحسن الوضع السياسي والأمني بعد هذه الانتخابات. لا نريد تصعيدا نريد أن تتحسن الأمور في الشام.”
وقالت إلهام شاهين (43 عاما) إن “أهم شيء أن تكون الانتخابات نزيهة.. نحن كشعب أقوي عندما نجري الانتخابات.. نحن بحاجة إلي هذه الانتخابات في هذا الوضع.. شكرا للجيش العربي السوري ولحلفائنا إيران وروسيا وحزب الله.”
وأدى تدخل روسيا في الحرب إلي جانب إيران والجيش السوري وحزب الله الشيعي إلي تغيير موازين القوي لصالح بشار الأسد.
وينظر معارضو الأسد إلي التصويت باعتباره غير مشروع ومستفز.
وفي المدينة الجامعية في دمشق تجمع العشرات من المهجرين من مدينة حلب وريفها وهي كبرى المدن السورية للإدلاء بأصواتهم إضافة إلي الطلاب الذين يقطنون في المدينة الجامعية.
وعلقت علي إحدي قاعات الجامعة يافطة كتب عليها “نحن شريان الحياة. رح نشارك.” وذيلت بتوقيع الاتحاد الوطني لطلبة سوريا. وفي لافتة أخرى كتبت عبارة “الانتخابات التشريعية حق وواجب”.
وأدلى الرئيس الأسد وعقيلته بصوتيهما في مكتبة الأسد في دمشق ويمثل اندلاع القتال في الصفوف الأمامية جنوبي حلب أخطر تحد حتى الآن أمام الهدنة.
وقال القاضي هشام الشعار رئيس اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية لوكالة الأنباء السورية إن “العملية الانتخابية تسير بشكل جيد ولم تسجل أي شكوى أو إشكالات حتى هذه اللحظة والإقبال علي المراكز الانتخابية جيد.”
ميدل ايست أونلاين