يبدو أن العنوان الذي ستتحفنا به صحيفة “الوطن” اليوم حول الخسائر الكبيرة التي يتكبدها الجيش “العثماني بحسب تسميتهم، لا يختلف كثيرا عن الحوار الذي دار بين حافظ الأسد والمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي رونالد ريغان إلى للشرق الأوسط فيليب حبيب في 7 حزيران 1982، فحاول الأسد التذاكي واللعب بورقة “قواعد الدفاع الجوي السورية المتمركزة في لبنان”، فكان رد حبيب: “القواعد دمرت بالكامل يا سيادة الرئيس، يبدو أنك لم تعلم بعد!”.
الشيء ذاته يحصل منذ بدء التصعيد العسكري بين روسيا وتركيا في الشمال السوري، الأربعاء الماضي، رتل عسكري تركي يتعرض لقصف جوي ليلقى 33 جندياً تركياً حتفهم. لترتفع أصوات الشارع التركي المطالبة بالثأر وكذلك الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية.
الأمر الذي دفع الأتراك تجديد دعوة حلفاؤهم في حلف الناتو لدعم سياساتهم وأهدافهم في سوريا. إلا أن وزارة الدفاع الأمريكية وباقي أعضاء حلف الناتو لم يبدوا أي حماس أو تأييد للمساعي التركية، وهذا ما يفسر برودة البيان الأوروبي-الأميركي عقب مقتل الجنود الأتراك.
درونز بيرقدار.. مفاجأة الأتراك لقوات النظام
خلال العقود الماضية، امتنعت الولايات المتحدة عن تزويد تركيا “درونز” حفاظا على أمن إسرائيل بحسب التبرير الذي قدمه الكونغرس للبنتاغون، بالرغم من أن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي.
بحسب التحليلات المنشورة على مواقع صحفية تركية فإن المؤسسة العسكرية التركية لم تتفاجأ بالموقف الأوروبي وكذلك الأميركي، وهذا ما دفعهم لتطوير تجهيزاتهم العسكرية الخاصة بهم، وذلك في إشارة إلى الطائرات المسيرة دون طيار أو ما يطلق عليها الـ”درونز”.
الطائرة التي أحدثت فارق في إدلب بعد أول استخدام لها، وأظهرت الفيديوهات حجم الخسائر البشرية والمادية التي تكبدتها قوات النظام وحلفاؤه في إدلب جراء العمليات التي لا تزال مستمرة حتى الساعة، ما دفع رواد التواصل الاجتماعي بالقول لأول مرة منذ اندلاع الثورة، تحلق طائرات مقاتلة في سماء سورية ولا تقدم على قصف الأفران والمدارس والأطفال ولا المدنيين السوريين. ولأول مرة نرى عصابات الأسد يراقبون السماء خوفاً من قصف الطيران.. لقد تغيرت الأحوال.
تعد الدرون من طراز بيرقدار بي تي 2 من الطائرات التكتيكية لقدراتها على الطيران على ارتفاع يقارب الـ8 كيلو مترات ولنحو 25 ساعة، مع ذخيرة يراوح وزنها بين 123 و150 كيلوغرام.
وبحسب تقرير أعده مركز جسور للدراسات فإن “بيرقدار” تمكنت من شل القدرة العسكرية لقوات النظام السوري لقدرة الطائرة على تحديد أهدافها بدقة ليلا ونهارا بفضل كاميرات تصل دقتها لـ1.8 مليار بيكسل.
يبلغ طول طائرة بيرقدار 11 متراً، فيما يصل العرض إلى 12 مترا، ويبلغ ارتفاعها نحو 3 أمتار، وتزن نحو 420 كلغ، و650 مع الذخيرة، وتصل سرعتها 250 كلم بالساعة، تصنع طائرات “بيرقدار” داخل تركيا على يد الشركة التي يمتلكها سلجوق بيرقدار.
وسلجوق بيرقدار هو زوج سمية أردوغان ابنة الرئيس الصغرى، درس الهندسة الكهربائية في تركيا وحصل على الماجستير من جامعة بنسلفانيا الأميركية، قبل أن يتقدَّم لدراسة الدكتوراه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وعاد ليتفرغ لمشروعه الخاص لصناعة درونز الجيل الثاني.
وغرّد سلجوق بيرقدار عبر حسابه الشخصي على موقع “تويتر” بالقول: “نزور أبطالنا في مراكزنا الحدودية التي توفر الدعم الإلكتروني لقواتنا في إدلب”.
وفي تغريدات منفصلة علّق بيرقدار على العملية العسكرية التي تنفذها قوات بلاده ضد قوات الأسد: “عشنا في هذه الأرض حرة ومستقلة منذ ألف عام، الأمة التركية المسلمة لن تخضع لأي شخص، لا أحد!، أبدا”.
ورغم حجم المأساة وتراجيدية المشهد إلا أن مغردون لم يفوتوا فرصة السخرية من جبران باسيل صهر الرئيس اللبناني ميشيل عون حيث كتب أحد الرواد: “سلجوق بيرقدار، مهندس تطوير الطائرات التركيّة المسيّرة، هو صهر رجب طيّب أردوغان، وجبران باسيل هو صهر ميشال عون.. فقط أحببت أن اخبركم!
نقلا عن بروكار برس