أنشأ الجيش التركي في الآونة الأخيرة عدداً من النقاط العسكرية الجديدة في أعلى تلال محافظة إدلب وريف اللاذقية شمال غربي سوريا، وذلك وسط تثبيت منظومة دفاع جوي متطورة من نوع (hawk) داخل هذه النقاط؛ ناهيك عن تمركز مئات الآليات العسكرية وبناء سواتر وخنادق بالمنطقة.
وقد أنشأ الجيش التركي نقطة عسكرية بالقرب من بلدة جوزف في جبل الزاوية جنوبي إدلب، على تل “النبي أيوب” أعلى تلال المحافظة، بعد عمليات استطلاع أجراها في المنطقة، بالإضافة إلى نقاط في جبل الأربعين بالقرب من أريحا وتل الأرقم بريف اللاذقية، إذ تعتبر هذه المناطق عسكرية و خط التماس مع مليشيا أسد.
ويكشف “تل النبي أيوب” معظم مناطق جبل الزاوية وسهل الغاب شمال غربي حماة، وتحيط به العديد من التلال الأقل ارتفاعًا، وتتوزع حوله أشجار الكرز والزيتون، حيث يبلغ ارتفاعه 931 مترًا عن سطح البحر، وسُمّي بذلك بسبب وجود مقام مفترض للنبي أيوب.
وحول أسباب الانتشار التركي على التلال، يقول النقيب ناجي مصطفى، وهو المتحدث باسم “الجبهة الوطنية للتحرير”: “الانتشار الأخير للجيش التركي كان انتشاراً عسكرياً في أكثر من منطقة وأكثر من نقطة؛ حيث تم الانتشار على بعض التلال الحاكمة من خلال التكتيك العسكري والتي تخدمه؛ خصوصا في مجال الاستطلاع ورؤية مسرح العمليات العسكرية والإشراف عليها، لا سيما التي تدور في نفس المنطقة”.
ويوضح المصطفى في حديثه لأورينت نت، أن التلال مطلة بشكل جيد على الجبهات وحدود التماس مع مليشيات الأسد، مما يعطي الجيش التركي أفضلية بالأشراف على تلك المنطقة؛ ويمكن من خلاله الإشراف والتحكم والقدرة على السيطرة على المناطق المحيطة بتلك التلال من الناحية العسكرية.
ويؤكد أن الأتراك حاولوا من خلال الجهد العسكري والسياسي منع المليشيات من مواصلة الأعمال العسكرية وارتكاب الجرائم بحق المدنيين وتهجير الناس من مدنهم وقراهم؛ في حين أننا لا نثق بالتزام المليشيات، وخصوصا الخروقات التي تقوم بها يومياً؛ لذلك كان انتشار الجيش التركي عامل ردع للنظام لمنعه من شن عمليات لتهجير المدنيين.
واستقدم الجيش التركي خلال الأسابيع الأخيرة تعزيزات عسكرية إلى منطقة جبل الزاوية، وانتشر في عدة قرى وبلدات، رغم توقيع الاتفاق الروسي- التركي، الذي قضى بوقف إطلاق النار على خطوط التماس في محافظة إدلب، وإنشاء “ممر آمن جنوب وشمال الطريق الدولي (M4)، وتسيير دورات مشتركة بين قريتي ترنبة بريف إدلب الشرقي وعين حور بريف إدلب الجنوبي الغربي.
وتتربع في منطقة الشمال السوري تلال استراتيجية تحكم المناطق حولها باعتبارها مرتفعة، وفقاً للناشط الصحفي معاذ العباس، وأكثر هذه التلال إشرافاً على مناطق شاسعة التلال في جبل الزاوية، حيث كانت بالمعارك الأخيرة ذات أهمية قوية، إذ تسارع روسيا وقوات النظام للسيطرة على التلال الحاكمة، لتسقط المناطق حولها ناريا، في الوقت الذي كان فيه الثوار أقل فاعلية في التلال، بسبب قوة روسيا وقوات النظام النارية وخاصة الطائرات التي تتبع سياسة الأرض المحروقة، وتُعد التلال منطقة مكشوفة للطائرات ما جعلها نقمة أكبر منها نعمة على قوات الثوار مقابل قوات النظام وروسيا.
ويضيف العباس بحديثه لأورينت نت أن “فرض السيطرة عليها اليوم من قبل تركيا، ربما يكون عامل قوة بوجودهم عليها، لكي لا تكون سبيلا لصعود قوات النظام عليها وسقوط مناطق شاسعة بمجرد السيطرة عليها؛ وأما أن تكون رادعا لعدم تقدم النظام، لأن عددا من النقاط التركية مازالت موجودة داخل مناطق النظام ولم تكن رادعا لعدم تقدمه ولكنها تقف بجانب المعارك لصالح الثوار”.
ويشير الناشط الصحفي إلى أن “أهم هذه التلال هي تلة قمة جبل الزاوية، الذي يشرف على سهل الغاب كاملا، بالإضافة لإشرافه على معظم بلدات جبل الزاوية من جنوبه وشرقه، ناهيك عن تلة جبل الأربعين التي تشرف على القسم الشمالي من جبل الزاوية ومدينة أريحا وحتى مدينة إدلب وبلدات شمالها”.
ويتفق الباحث التركي، حمزة يايا، مع النقيب ناجي مصطفى، حول أن الجيش التركي يعمل على تحقيق توازن مع النظام وروسيا لتشكيل عامل ردع للنظام، بهدف منعه من شن عمليات عسكرية أخرى؛ ودفع آلاف المدنيين للفرار إلى الحدود التركية، كما حدث خلال الحملات العسكرية السابقة؛ وهو ما دفعه إلى إدخال مئات الجنود الأتراك إلى مناطق جبل الزاوية.
ويؤك يايا، أن “الجيش التركي يدرك بأن النظام لن يلتزم بالاتفاق عاجلا أو آجلا بدعم إيراني وروسي، لذلك فهو يتجهز للمعركة القادمة من خلال التمركز على التلال وتحصين النقاط التركية وإدخال عشرات الأرتال العسكرية؛ حيث إن الجيش التركي سيتدخل بكامل قوته لمنع النظام من التقدم مجددا”.
نقلا عن اورينت نت