صحيفة الرياض
في ثقافتنا السياسية العربية نعيش على مفهوم البعد الواحد، أي أن صديقنا يجب أن يبقي هذه العلاقة أبدية، ولا ننظر للأمور بواقعيتها، وأن كل شيء يتغير، فمثلاً الكل يعتب على الهند كيف تذهب لإسرائيل تبادلها التكنولوجيا المتقدمة، والتعاون في صناعة الأسلحة، وفتح أبواب التعاون الاقتصادي، وهي الصديق المحسوب علينا في دول عدم الانحياز.ونحن نعرف أن لنا صلاتنا التي تحددها نسب الرضا والغضب وفق نسيج الأهداف قبل غيرها مع أمريكا وهي القادرة على فرض نفوذها بداعي ما يخدم توجهاتها ومنافعها، ومثلما تبحث عن المكسب السياسي والأمني، وغيرهما، فهي مستعدة للجلوس على طاولة واحدة مع أعتى أعدائها، وهذا ما حدث مع كوريا الشمالية وكوبا رغم منهج الدولتين السياسي ،الذي يرفع شعارات العداء لكن ما يدور خلف الأبواب يختلف عن الشعارات المرفوعة، ولا تبالي إن كان ذلك يؤثر في صداقاتها مع كوريا الجنوبية أو اليابان، ولا يغضب الصين الحامية لتلك الدولة طالما كل شيء يحقق لها أهدافها..
وقالت: سياسة الرؤية الواحدة بعين غير مفتوحة على آفاق العالم لن تفيد من يريد بناء علاقات فيها تنازلات وتسويات وتوازنات تخضع لدور وقوة كل بلد، فقد حشدت دول عدم الانحياز ومنظمات آسيا وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية قواها في أن تكون محايدة بين صراعات القوتين آنذاك وفشلت، بل إن بعضها حليف لأمريكا وأعضاء في منظومة «الكومنولت» التي مركز قيادتها بريطانيا، وهذه الازدواجية في المعايير خدمت طرفي القوة، وأضعفت دور الدول المحايدة شكلاً والمنحازة موضوعاً..
وعبرت: مبدأ العاطفة في العلاقات الدولية سلوك ساذج وعقيم وليس هناك في هذا القاموس مَن معنا، وضدنا، وهو القياس الخاطئ، لأن معرفتك بالمقابل أياً كان وزنه يفرض التعامل وفق شروط الواقع الراهن، ولذلك انتصرت علينا إسرائيل بقدراتها اللامحدودة رغم تحديها للقوانين والأعراف الدولية لأنها تملك ما تبادل به من سياسات واقتصادات وغيرهما، والتي نفتقدها سلوكاً وعملا.