نشر موقع “أتلانتيك كونسيل” مقالا ترجمه المركز الصحفي السوري حول الأيديولوجية البعثية وترسيخ النظام السوري لها لتثبيت حكمه.
ينشر النوقع أنه على الرغم من تداعيات الحرب الأهلية التي استمرت عشر سنوات، فإنّ الشيء الوحيد الذي ظلّ ثابتاً في سوريا هو هيمنة النظام البعثي على الشعب السوري.
إنّ المناقشات حول الحرب السورية تركز على الصراع وحلفاء النظام السوري ودعمهم العسكري، وكيف يترجم ذلك النشاط على الأرض.
إنّ افتراض الهدف من الحرب هو الفوز بها أو تصوير الصراع بشكل روتيني هو جانب مهمل في الحرب السورية، ولكن هناك بعض العناصر المهمة من الحقيقة فيها.
فتكمن وراء الوظائف العسكرية البحتة للعنف أيديولوجية قام النظام البعثي بإدامتها على مدى العقود الخمسة له.
ومنها القومية العاطفية التي تعوّق الانتقال إلى الديمقراطية، من خلال نشر الارتباطات العاطفية للأمّة والقائد كشكل من أشكال الهوية والانتماء في بناء الدولة السورية.
يتابع الموقع أن تحويل الحرب السوريّة إلى حرب بالوكالة هو تجاهل طبقات التعقيدات التي تشكل جزءً من الثقافة السياسية في البلاد، وتتجلى تلك التعقيدات في المسيرات التي تدعم رأس النظام السوري “بشار الأسد” منذ بدء الانتفاضة عام 2011.
وعلى الرغم من أن النظام السوري وعناصر الأمن هم من ينظمون تلك المسيرات الداعمة للأسد، إلاّ أنه يوجد قسم من السوريين يدعمون الأسد حقاً، فالنظام القسري والتعايش بالنسبة لهؤلاء هما الخصائص الأساسية لنظام يرونه مناسباً ومشروعاً في البلد، حسب الموقع.
وهنا يكمن دور الأيديولوجية الوطنية للنظام، والتي خلقت البناء الخيالي لسوريا موحدة، ونظام بعثي معروف في أذهان مؤيدي النظام ضد المعارضة.
إنّ الفهم الضمني لدور القومية في الحفاظ على بقاء الأسد هو استكشاف مدى دعم هذه الايديولوجية له، حيث اعتمد رأس النظام على مصادر أيديولوجية تضمن الطاعة والولاء، فهذه القومية العاطفية تديم الانتماء للأمّة على أساس نشر الروح الوطنية البدائية.
وفي هذا النوع من القومية تستبدل المفاهيم المدنية للمواطنة بالقيادة الشخصية والمحسوبية والعلاقات التراثية، حيث فشل العلماء والنقاد في فهم دور القومية العاطفية في التحريض على العنف وعرقلة الانتقال إلى الديمقراطية.
وأدت القومية إلى إدامة الانتماء البدائي للأمة السورية المتجنسة والعائلية، فبدلاً من الاختيار الحر والعقلاني لدعم المؤسسات المدنية، يقدم حب الدولة وقيادتها على أنه إكراه رومنسي لا إرادي، تكرّس اللامبالاة بالفكر أو العقل، فقد قدّمت الأيديولوجية البعثية نفسها لتتحوّل إلى حبّ زعيم استبدادي.
الأيديولوجية البعثية والولاء من خلال الإكراه
اعتاد النظام البعثي السوري على مدى السنوات الخمسين الماضية على ترتيب أو فرض عروض أداء من خلال المسيرات في كافة الساحات والشوارع في البلاد، داعية إلى حبّ القائد كما هو معهود في الأنظمة الاستبدادية.
وركز النظام البعثي على استخدام القومية للحفاظ على سلطة الدولة، وجعلت الأيديولوجية البعثية شخصية راس النظام “الأب القائد” حاضرة في كلّ مكان، وتولى ابنه بشار نفس الدور على الرغم من توقع العديد من المراقبين تليين الدور الاستبدادي للنظام على يد الابن حيث كان ينظر إليه كزعيم حديث متعلم.
ورث الأسد الابن عن والده جهازاً راسخاً للدولة، وتقليداً شرعياً عمره عقود قائماً على عبادة رومنسية للوطن والشخصية، وأشرف على تكيف استطرادي زاد فيها من وتيرة الرومنسية لعبادة شخصية الأسد.
كما ورث أيضاً نظاماً سياسياً مليئاً بالمحسوبية والفساد والسخرية، مما جعل الخطب الرئاسية والأغاني القومية والتجمعات الحكومية الموالية للنظام ركناً اساسياً في نشر الفكر البعثي وتشكيل ملامح الانتماء في سوريا الحديثة.
ورسّخت المثالية الرومنسية للثقافة والوطن في الأيديولوجية البعثية نفسها بسهولة إلى حد ما للتحول من حب القائد الاستبدادي، ونتج عن ذلك تفرع القومية إلى نوع جديد من القومية تحتفل بأواصر المحبة والولاء للدولة ونظامها الاستبدادي.
سوريا وراء التكوينات الأيديولوجية
لا يمكن التنبؤ بما يحمله المستقبل للسوريين في حقبة ما بعد الأسد، ولكن السوريين يحتاجون إلى تخليص أنفسهم من البرمجة الاجتماعية والثقافية للفكر البعثي، فقد بدأ المواطنون السوريون يشككون في مشاعرهم الوطنية وهويتهم.
وساهم الكفاح من أجل ترسيخ مفاهيم مدنية للهوية السورية منذ اندلاع الصراع عام 2011في صعود الانتماءات غير الحكومية فوق الدولة، بما فيها الجماعات العرقية والقبلية والطائفية.
وقد تؤدي الحرب السورية أيضاً إلى ظهور مجموعات فرعية جديدة من الأيديولوجيات الوطنية التابعة لمجموعات طائفية أو مناطق جغرافية مختلفة.
المركز الصحفي السوري
ترجمة محمد المعري