على خطى والده (( حافظ الأسد )) قمع الأسد الانتفاضة الشعبية ، وحاول محاكاة الرد الذي واجه بها والده مدينة حماة عندما ثارت في نهاية سبعينيات القرن الماضي، وسنوات 1980/1982.
باستخدام العنف المفرط، الذي يتمثل في القتل المباشر واستخدام الدبابات والقناصة واحتلال المدن التي راح ضحيتها أكثر من 40000 من الذين ثاروا ضد حكم الأسد التي وصفت وقتها أنها أكثر الأعمال دموية في عصره ضد شعبه.، حاول الأسد قمع الثورة في مدينة حماة.
حيث قالت اللجنة السورية لحقوق الإنسان إن عدد القتلى قد تراوحَ بين 30,000 و40,000؛ غالبيتهم العظمى من المدنيين وقضى معظمهم رمياً بالرصاص بشكل جماعي ثم تم دفن الضحايا في مقابر جماعية.
تجدد حقد الابن في حي مشاع الأربعين في حماه مطلع الشهر العاشرفي 2012 فهو ليس كغيره من الأحياء الثائرة -التي تعرضت لجميع أنواع القصف والتدمير الأسدي- وبعد حضور المراقبين الدوليين وخروجهم من تلك الأحياء بدء النظام حملته الواسعة من القصف المدفعي الممنهج لعل أنه بقي موجوداً على وجه الأرض، ولكنه مسحها مسحاً كاملاً، ولم يبق فيه حجر يشهد بأن حياةَ كانت هنا أو ذكريات، كما سبب صداعاً لشبيحة الأسد فكان القرار بهدمه كاملاً بعد إخراج أهله منه بثيابهم فقط .
بما أن الحي مشمول بقرار الهدم منذ زمن بعيد –الذي لم يطبق في أغلب تلك الأحياء في سوريا- كانت الحجة التي سعى النظام إليها هي إطفاء روح الثورة فيه , حيث يعتبر مشاع الأربعين من الأحياء الكبيرة في مدينة حماة , يقع في القسم الشمالي الشرقي من المدينة ويضم حوالي 30000 شخص.
وعند دخول الجيش إلى مدينة حماه تحول الكفاح في الحي إلى قتال مسلح في وجه الظلم والطغيان خاصة بعد الاضطهاد الذي عاناه أهل المشاع على يد شبيحة النظام . ” شهد الحي العديد من الاقتحامات، واعتقل العديد من شبابه حيث شكل لشبيحة الأسد أرقاً دائماً بمظاهراته بداية الثورة، ثم بقتاله بالسلاح ضدهم , حيث بلغ عدد الشهداء فيه قرابة 500 بداية الحملة الممنهجة .
وكرد طبيعي من قوات الأسد تعرض أهل الحي إلى الاضطهاد عبر تهديم البيوت والقيام بإعدامات ميدانية للشباب , وبعد اشتداد الكفاح المسلح، حاصرت قوات الأمن والشبيحة الحي بشكل كامل، ومن ثم قصفه بقذائف الدبابات والهاون، فهدمته على رؤوس ساكنيه.
يقول لنا عضو كتلة ربيع حماه عن هذا الموضوع: “عمد النظام إلى تسوية المشاع على الأرض بالكامل في الشهر العاشر 2012 باستخدام الآليات الثقيلة في جريمة تشكل وصمة عارِ على جبين الإنسانية، فكانت المأساة الجديدة التي تمثلت بنزوج كامل سكانه البالغ عددهم 30000 نسمة دون أثاث منازلهم، وكل ما يمكلونه ما عدا ثيابهم التي يلبسونها “.
وعن الأحياء التي نزحوا إليها يقول ” كان النزوح إلى داخل المدينة في الأحياء القريبة كحي الأربعين والفيحاء والقصور والحميدية وطريق حلب، تعاونت هيئات الإغاثة الثورية بالإضافة للهلال الأحمر على تأمين الجزء اليسير من حاجات النازحين من أغطية وفرش ومواد غذائية، وحتى الآن يعاني هؤلاء مرارة النزوح والتهجير القسري عما كان يسمى حي مشاع الأربعين ! “.
معاناة حي وادي الجوز
سوَّى جيش النظام جميع منازل الحي على الأرض بالجرافات بعد حرقها وقصفها , وكإحصائية تقريبية فإن مشاع وادي الجوز يحوي على أكثر من 2000 منزل وعلى أكثر من 20 ألف نسمة ممن يقطنون هذا المشاع .
ليست هذه الأفعال الممنهجة والمرسومة من قبل النظام جديدة، يقوم بها النظام للضغط على أهالي الأحياء الثائرة , فهذا ثاني مشاع في حماة يسوَّى على الأرض فقبله سُوِّي مشاع الأربعين على الأرض لإيقاف صرخة الثوار ضده ..
ومنذ ذلك الحين ما تزال هذه الأحياء على حالها بعد الدمار الذي لاحقها ..
محمود المعراتي
مقال رأي
المركز الصحفي السوري