من خلال أدمغتها الكبيرة، أو عبر التكاثر بشكل متواتر؛ توصلت دراسة إلى أن الطيور تستخدم هاتين الإستراتيجيتين البديلتين للتكيف مع العيش في المدن الحضرية، والاستمرار مع الفوضى المتزايدة التي يسببها الإنسان في المدن.
وتشير الدراسة الجديدة -التي نشرت في مجلة “فرونتيرز إن إيكولوجي آند إفوليوشن” في 25 مارس/آذار الجاري- إلى أن بقاء الطيور على قيد الحياة في المدن صعب للغاية، لدرجة أن العديد منها قد تنقرض بسبب التحضر المتزايد في العالم، ولكن من الغريب أن بعض الطيور تتأقلم بل وتزدهر في هذه البيئات الجديدة.
يوضح الباحث فيران سايول -من جامعة جوتنبرغ ومركز جوتنبرغ العالمي للتنوع البيولوجي في السويد- أن “المدن بيئات قاسية لمعظم الأنواع، وبالتالي تدعم غالبا التنوع البيولوجي بشكل أقل من البيئات الطبيعية”.
ويضيف أن “الأنواع التي يمكنها تحمل المدن مهمة لأنها الأنواع التي سيتصل بها معظم البشر في حياتهم اليومية، ويمكن أن تكون لها تأثيرات مهمة على البيئة الحضرية داخل مدننا”.
مزايا العقول الكبيرة
وأظهرت العديد من الدراسات السابقة أن الطيور ذات الأدمغة الأكبر لها عدد من المزايا؛ حيث يمكنها العثور على مصادر غذائية جديدة، وتجنب المخاطر التي يسببها الإنسان بشكل أفضل من الطيور ذات الأدمغة الصغيرة.
لكن الباحثين لم يتمكنوا حتى الآن من تفسير سبب ازدهار بعض الأنواع ذات الأدمغة الصغيرة مثل الحمام -على سبيل المثال- في المدن.
ولفهم ما يسمح للطيور بالتكيف مع الحياة الحضرية، قام سايول وزملاؤه بتحليل قواعد البيانات التي تحتوي على حجم الدماغ والجسم، والحد الأقصى للعمر، والتوزيع العالمي وتواتر التكاثر.
واستخدموا في ذلك قواعد البيانات الموجودة، ومجموعات المتاحف التي تحتوي على تفاصيل عن أكثر من 629 نوعا من الطيور في 27 مدينة حول العالم.
التكاثر المتواتر
وأكدت النتائج التي توصل إليها الباحثون أن حجم الدماغ يلعب دورا مهما، ولكنه ليس المسار الوحيد للنجاح في التكيف مع الحياة الحضرية.
ويشرح سايول “لقد حددنا طريقتين مختلفتين لأنواع الطيور لتصبح من سكان الحضر: “فمن ناحية، ستجد الأنواع ذات الأدمغة الكبيرة -مثل الغربان والنوارس- شائعة في المدن؛ لأن الحجم الكبير للدماغ يساعدها على التعامل مع تحديات البيئة الجديدة”.
ويضيف سايول “ومن ناحية أخرى، وجدنا أيضا أن الأنواع ذات الأدمغة الصغيرة -مثل الحمام- يمكن أن تكون ناجحة للغاية إذا كان لديها عدد كبير من محاولات التكاثر على مدى حياتها”.
ومن المثير للاهتمام أن الأبحاث تشير إلى أن الإستراتيجيتين تمثلان طرقا مختلفة للتعامل مع البيئات الحضرية، لأن الطيور ذات حجم الدماغ المتوسط (بالنسبة إلى أجسامها) هي الأقل احتمالا للعيش في المدن، كما أن كلتا الإستراتيجيتين أقل شيوعا في البيئات الطبيعية.
وتظهر الدراسة أن هناك إستراتيجيات متعددة للتكيف مع البيئات الحضرية، وعند النظر في آثار مستقبلنا الحضري المتزايد على جيراننا في الحياة البرية، سيكون من المهم النظر في كل من إستراتيجياتها الإنجابية وحجم الدماغ كذلك.
ويقول سايول “في دراستنا، وجدنا نمطا عاما، ولكن في المستقبل قد يكون من المثير للاهتمام فهم الآليات الدقيقة وراءه. على سبيل المثال، أي جوانب الذكاء هي الأكثر فائدة”.
ويضيف “إن فهم ما يجعل بعض الأنواع أكثر قدرة على تحمل المدن أو حتى استغلالها سيساعد الباحثين على توقع كيفية استجابة التنوع البيولوجي مع استمرار التوسع في المدن”.
نقلا عن الجزيرة