تلبية لطلب الأعزاء في الـ”هافينغتون بوست عربي”، اخترت أن أشاركهم احتفاءهم الرمضاني بهذه المادة، التي لا فضل لي فيها، وهي لا تعدو أن تكون اختياراً لبعض “بوستات” الأصدقاء السوريين، التي كتبوها في صفحاتهم “الفيسبوكية”، معبرين فيها عن بعض مشاعرهم وأحوالهم في هذا الشهر المبارك، وهي بمجملها تقدم صورة شبه شاملة لما يكابده السوري، وهو يعيش شهراً كان يستقبله بشكل مختلف وبطقوس خاصة جميلة قلّ نظيرها، فيما يعيش اليوم ألماً لا مثيل له سببه الأول والأخير إجرام النظام السوري وبراميله القاتلة.
يقتصر دوري على اختيار “البوستات”، وإجراء بعض التعديلات الطفيفة عليها، وقد تجاهلت ذكر أسماء من لم يتَح لي استئذانه في النشر.
يكتب الصديق الحقوقي أنور البني:
– أمنياتنا برمضان لكل الطيبين نكررها في كل مناسبة وكل يوم وكل ساعة، نأمل أن يتوقف القتل والدمار، والأهم أن تتوقف المعاناة ونصل لآخر النفق، الذي نعبره منذ خمسين سنة.. نفق دخلته كل الشعوب قبلنا ودفعت ثمنه من دمها، ثمناً لحريتها ومستقبل أجيالها.
ما يميز الشعب السوري الرائع أنه يدفع ثمن حريته وحرية الآخرين أيضاً، وربما ثمن حرية العالم.. مصير كثير من الدول والديكتاتوريات وعيون كثير من الشعوب معلقة تتطلع لانتصار الشعب السوري؛ لأنها تعرف أن مصير حريتها معلق بهذا الانتصار، والشعب السوري الجميل كما كان عبر تاريخه، سيكون كذلك الآن، ولن يخذل نفسه والآمال المعقودة عليه.. الخلود لكل من قضى من أجل الحرية.. الحرية لكل من قبع في ظلام السجن والمعتقلات.. المجد لسوريا وللسوريين الأحرار.
سنعبر النفق أكيد، وننال حريتنا أكيد.. رمضان كريم.. هاليلويا..!.
الصديق السياسي سليمان رمان، يطالبنا في “البوست” الذي كتبه، بأنه عندما نجلس على موائد الإفطار، وندعو دعاءنا الذي حفظناه منذ نعومة أظفارنا: “اللهم لك صمت وبك آمنت…”.. في تلك اللحظة:
لا بد من تذكر المحاصرين الذين لا يصلهم طعام أو دواء، يجوعون والعالم العربي والإسلامي يتلذذ بأنواع المأكولات وأطيبها، ويعطشون حيث لا ماء ولا شراب.. يعانون والعالم صامت يقدم الكلام تلو الكلام، والنظام يتباهى بإحكام الحصار على المدن والبلدات والقرى!.. نعم في لحظة الإفطار علينا أن نتذكر أولئك الذين غيّبوا قسراً وظلماً عن موائد إفطارهم التي حرموا منها، ونتذكر أولئك الذين دمّرت بيوتهم فأصبحوا في العراء ولا معين لهم أمام هذا الوضع البائس.. علينا أن نسأل أنفسنا: ماذا قدمنا نحن لهؤلاء؟!
ستبتل عروقنا ويذهب الظمأ، ولكن هؤلاء تجفّ عروقهم وينتظرون نقطة ماء.. فهل سيثبت أجر صيامنا نحن الصائمين؟!
الصديق الأديب نجم الدين السمان استقبل رمضان بعدة “بوستات”، فهو بسخريته الجميلة يطلب في أحدها:
– التماس رؤية صواريخ بوتين.. غير عاجل.. حتى الآن 10 غارات جوية روسية على مدينة إدلب.
ويكتب في “بوست آخر” مهدداً متوعداً:
– أتمنى لكم صياماً مقبولاً وإفطاراً هنياً شهياً تزداد فيه أوزانكم.. كل سوري ينشر صور موائده والسوريون محاصرون تجويعاً مصيره الحذف!
أما الصديق تليد صائب فيكتب ساخراً:
وزارة الأوقاف بالجمهورية العربية السورية ترجو من الإخوة القناصة المنتشرين على أسطح المنازل تلمس هلال الشهر الكريم.. “قنصاً مقبولاً” وقذائف شهية.. وكل عام وأنتم شهداء!
وبسخرية أيضاً يكتب الصديق عبدالقادر ليلا منبهاً:
– عزيزي الصائم.. يجب أن أذكرك أنه إذا “بدك” تفطر على تمور إيرانية، فالأفضل أن لا تصوم أصلاً؛ لأنك “عم” بتساهم بقتل نفس.. خاصة جماعة ابتلت العروق وثبت الآجر!
ويكتب أيضاً متذكراً مبادرات رئيس الائتلاف الأسبق معاذ الخطيب، التي يقدمها في مناسبات كهذه، وجرت الويلات علينا:
– بما أنه اليوم هو أول أيام رمضان.. هل من مبادرة لشيخنا معاذ الخطيب.. بصفته شيخ جامع فهمان هذه المرة وحامل هم الأمة “يلي قتلوا 600 مجاهد” من بعضهم البعض، وليس بصفته رئيساً سابقاً للائتلاف.
أما الصديق أحمد طلب الناصر فيقترح وصفة لإبعاد الجوع والعطش والشعور بالراحة في رمضان نقلها عن كتاب افتراضي عنوانه “يوميات صائم ميت من العطش من الصبح”:
– إليك هذه الدعوات المجربة وعلى مسؤوليتي.. 30 استغفار.. 30 الحمد لله.. 30 يلعن روح حافظ وأنيسة.. ولا مشكلة إن ذكرت إضافة لذلك دعوة: يلعن البغدادي والجولاني ومن لف لفيفهم عن علم أو جهل.
أما الصديق أيهم أحمد، وفي إشارة منه إلى سرقة حركة أحرار الشام لبنك الرقة عندما احتلت المدينة فيكتب:
– حركة أحرار الشام الإسلامية عند كل صلاة تقيمونها ادعوا لبنك الرقة المركزي.. لولاه لما لمع اسمكم ولا علا نجمكم.. رمضان كريم أهلنا المغدورين في الرقة..!.
الحنين والشوق للأيام الرمضانية من قبل يلف كتابات العديد من الأصدقاء، فيكتب الصديق الباحث محمد ربيعو:
– آخ على مشوار بالبزورية ومدحت باشا وباب سريجة بهاي الأوقات تسوى كل ما في العالم.. الله كريم.
وعن دمشق يكتب الصديق فواز تللو:
– حبيبتي الأسيرة دمشق.. نحن في غربة وأنت في أسر..رمضان يشتاقك كما تشتاقيه ونشتاقك.. وبانتظار رمضان قريب تفرح دمشق بأهلها وحريتها… لكل أحبابي في دمشق بغربتهم، وكل أحبابي داخل دمشق في أسرهم.. إلى إخوتي المعتقلين والشهداء وأحبابهم.. إليكم يا روحي كما دمشق روحي.. استودعتكم واستودعت دمشق عند الله الذي لا تضيع ودائعه.
وصديق آخر يكتب:
رمضان دون وطن.. دون أم وأب ودون أصدقاء.. رمضان هذا بارد حد الصقيع ومتعب وشديد الحزن.
وصديق آخر يكتب
– هذا أول رمضان يمر دون أن أكون مع أهلي في الرقة، ودون أن أكون مع عائلتي وزوجتي وأولادي في الجزائر.
وآخر يكتب:
– هذا رمضان الخامس وأنا بعيد عن منزلي وحارتي.. منزلي الذي تربيت فيه وحارتي التي ترعرعت فيها والتي هدمتها قوات الأسد هدماً بالجرافات.
صديق آخر يعيش لاجئاً في ألمانيا يتساءل ساخراً:
– في أي ساعة هو الإمساك في ألمانيا.. كل شوي توقيت شكل.. اللي يعرف يقول؛ لأن الساعة صارت 1 و 10 دقائق.. بدي أتسحر!!
أخيراً.. يذكر الناشط فادي العمري في حديث له:
– إن السوريين كانوا يتفاءلون مع قدوم شهر رمضان أنه سيكون نهاية المأساة، لكن حقيقة الأمر مختلفة..كل عام تزداد الأمور صعوبة وتعقيداً، ويزداد إجرام النظام وتتنوع أساليبه.. في رمضان عام 2016 أصبح الشعب السوري على موعد مع الطيران الروسي، بعد أن كان يفطر عام 2011 على أصوات رشقات الرصاص، وعام 2012 على أصوات المدفعية، وعام 2013 على أصوات الطيران الحربي ، وعام 2014 على أصوات البراميل والحاويات المتفجرة.
وأضاف العمري:
– كل عام تتضاعف الأسعار ويزداد عدد المناطق المحاصرة دون أي شعور بالمسؤولية من قِبل العالم الإسلامي والعربي.. وكل عام تتضاعف أعداد الضحايا والمعتقلين والمهجرين والمشردين ويزداد تكالب العالم على شعب قرر أن يعيش بحرية.
وينتهي قائلاً:
أصبح من المستحيل تحقيق حلم الشعب السوري بأن يجتمع من جديد على مائدة رمضان، بعد أن قتل قرابة مليون سوري، وشرد قرابة 12 مليوناً.. وحتى لو رحل النظام، فلن يعود الأحباب، ولن تجتمع الأسر من جديد، فجرائم العالم بحق الشعب السوري لا تغتفر!
عمار مصارع – هافينغتون بوست عربي