“من دخل مسجدا أو كنيسة فهو آمن”، عبارة توحي بالأمان والسكينة في جميع دول العالم، إلا أن النظام السوري لم يقم أي اعتبار لحرمة الأماكن المقدسة لا بل يحاول بشكل شبه يومي استهدافها بطائراته الحربية وطائرات حليفته روسيا.
ولعل ما حصل أمس أكبر دليل على جشاعة وحقد النظام، حيث صعد من حملته العسكرية على مدينة ادلب بعدة غارات جوية استهدف في إحداها الكنيسة الوحيدة في المدينة ماتسبب باستشهاد أكثر من 20 مدنيا وعشرات الجرحى، فضلا عن اندلاع الحرائق قرب الكنيسة نتيجة اشتعال خزانات الوقود في السيارات المركونة قربها.
“وحيد غفير” و”محمد غفير”، طفلان جميلان وأولاد عم من مدينة ادلب، لم يشفع لهما حفظ القرآن من همجية النظام، فقد كانوا برفقة أطفال في معهد لتحفيظ القرآن بجوار الكنيسة، فكان الخوف والذعر سيدا الموقف في تلك اللحظات، ليزف هذان الطيران إلى ربهما بعد إصابتهما بجروح بليغة، فقد كانت ضربة حاقدة لئيمة لم تكترث من ستقتل أو أين ستضرب.
وأي كارثة حلت على أمهاتهما، إذ علا صراخ والدة وحيد بعد سماعها هول المصيبة، وما إن استوعبت ماحدث حتى راحت تزغرد وتقول على الملأ:” بالهنا ياابني، بالهنا بيتك الجديد، بالهنا جنات النعيم، بعرف أنت أكبر إرهابي بسوريا، لأنك عم تحفظ القرآن لترضي ربك، الله ينتقم لروحك الطاهرة، وياخد حق كل طفل بسوريا، أنت وابن عمك طيور بالجنة، لاتنسى تاخدني لعندك ياأمي لاتنساني”.
مشاهد مؤلمة يصعب وصفها، لم تستطع فرق الدفاع المدني والإطفاء لحظتها من القدوم بسرعة لإخماد النيران وإخراج العالقين من تحت الأنقاض، نظرا لعدم قدرتهم على تغطية كافة أماكن القصف، فقد شن الطيران الروسي 12 غارة استهدف فيها أماكن مكتظة بالسكان لكن أعنفها وأقساها كانت قرب الكنيسة، وأخرى قرب جامع الحسين ليسجل التاريخ أفظع الانتهاكات في الأماكن المقدسة.
وكتب ليث أحد عناصر الدفاع المدني على صفحته الشخصية بعد إسعافهم الجرحى:” تبا لنا، لانعلم مافي بعض البيوت من فقر وعوز إلا بعد أن تكشفها ضربات الطيران”.
والسؤال الذي يفرض نفسه من هم الإرهابيون الذين تقتلهم طائرات روسيا؟، إنهم أطفال حرمتهم الحرب من العيش بسلام، لتتحول أجسادهم لأشلاء هنا وهناك، ماهو الذنب الذي اقترفوه ليحل بهم ذلك، هل لأنهم يقضون عطلتهم الصيفية بحفظ القرآن، أم لأن دول العالم قررت التزام الصمت والاستمتاع بمشاهد القتلى والدمار كل يوم في مختلف المناطق السورية المحررة، وجل ماتقوم به التنديد والاستنكار والمناشدات التي لاتسمن ولاتغني من جوع.
ولعل المجازر التي تحدث في مدينة ادلب وريفها هدفها واضح ألا وهو الانتقام لخسائر النظام في حلب بعد تقدم الثوار في الراموسة وفكهم للحصار الذي دام لشهر تقريبا، فبات عاجزا عن مواجهتهم برا ولن يتمكن من قهرهم وكسر إرادتهم مهما حاول ذلك جوا.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد