يطلقون عليه اسم المعلم وهي صفة لرئيس ورشة تنظيف السيارات بمدينة عفرين بريف حلب، ولكنه في الحقيقة معلمٌ ضاقت به السبل.
محمد عمر خريج جامعة دمشق باختصاص الأدب العربي، هجّرته آلة حرب نظام الأسد وحليفه الروسي إلى شمال البلاد، لم يجد فرصة عمل ضمن اختصاصه الجامعي ليعيل عائلته، فتوجه للعمل في ورشة لتنظيف السيارات تاركا شهادته الجامعية بين أغراضه الشخصية في حقيبة التهجير.
يقول “بحثت خلال الأشهر الستة الأولى في الشمال عن فرصة عمل كمدرس لكني لم أجد، وما وجدته كان في خيمة على الحدود السورية التركية براتب زهيد لا يكاد يكفي أجرة مواصلات أسبوع”.
يضيف “اجتمعت مع من هم كحالي من أصدقائي وانطلقنا للعمل في غسل السيارات بعد أن فقدنا الأمل من المستقبل الذي كافحنا لأجله سنوات”.
جامعات النظام:
يختلف حال طلاب الجامعات في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، لكن الخوف من المستقبل موجود، لأن النظام السوري يمنح الطلاب الإذن بتأجيل الخدمة العسكرية ضمن قواته خلال سنوات الدراسة ويتم تجديد الإذن سنويا، وينتهي بمجرد التخرج، ليقف الطالب أمام خيارين إما الهرب خارج البلاد أو البقاء والالتحاق بقوات النظام لقتال المعارضة. وفي الحالتين يرى الشباب أنهم خاسرون لمستقبلهم.
يقول نور الميداني طالب الهندسة المعمارية بجامعة دمشق “اضطررت لحمل مواد في السنة الأخيرة بالجامعة بغية تجديد إذن تأجيل الخدمة العسكرية ومن ثم إعادة تقديمها والهرب من سوريا”.
وأضاف “هذه حيلة يتبعها بعض الشباب للهرب من التجنيد بقوات النظام التي قد تمتد الخدمة فيها لسنوات، ولكن من يفشل يكون مصيره على جبهات الشمال السوري”.
جامعات المعارضة:
يعاني طلاب الجامعات في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة بالشمال من مشكلة رئيسية -يصفونها بالضياع والجهد المهدور- وتتمثل بعدم الاعتراف الدولي بشهاداتهم وجامعاتهم لتصبح مجرد دراسة لاكتساب خبرة لا أكثر.
فلا تؤهلهم الشهادات التي يحصلون عليها من الجامعات للعمل خارج البلاد في حال السفر أو حتى في الداخل لأنهم يرون أن الأولوية للحاصلين على شهادات معترف بها سابقا، علاوة على قلة أو ندرة فرص العمل الاختصاصية.
يقول براء درويش طالب الأدب الإنجليزي بجامعة حلب الحرة “سمعنا وعودا كثيرة بخصوص الاعتراف بالجامعة وشهاداتها لكننا لم نر شيئا فعليا حتى الآن”.
يضيف براء “لا خيار أمامنا سوى المتابعة لأننا لا نستطيع الدراسة في مناطق النظام لأننا مهددون بالاعتقال لمشاركتنا بالمظاهرات، ولا نستطيع السفر للدراسة كون شهادة الثانوية الخاصة بنا صادرة عن الحكومة السورية المؤقتة”.
مساعٍ حكومية:
يرى الطلاب والأهالي أن الاعتراف بشهادات الجامعات من مسؤوليات الحكومة المؤقتة والأطراف السياسية، والمعارضة التي قالت بدورها إنها تبذل كل الجهد لتحصيل ما تراه من حق الشباب السوري في مناطقها.
وقالت هدى العبسي وزيرة التعليم بالحكومة السورية المؤقتة “الحكومة المؤقتة تبذل كل ما بوسعها للاعتراف بالشهادات، والوزارة وضعت اعتماد الشهادة الهدف الأول، وكان هناك لقاءات عديدة والجواب دائما أن الاعتراف سياسي، فعندما نتوصل لتسوية ستتضمن التسوية ملف الجامعة”.
وأضافت “من الممكن تحقيق اعتراف بحالة واحدة، وهي أن تكون الجامعة فرعا لجامعة أخرى في الخارج معترف بها، وهذه الحالة غير مقبولة عند الكثيرين”.
ليبقى مستقبل الشباب في مناطق النظام والمعارضة محفوفا بالصعوبات، فالهرب من الحرب والحصول على شهادة جامعية ومن ثم فرصة عمل أصبحت من الصعوبات التي يواجهها الطلاب إضافة إلى الهرب من القصف والاعتقال.
نقلا عن: الجزيرة