“يا كرم العلالي.. عنقودك لنا.. يا حلو يا غالي شو بحبك أنا.. ع النهر التقينا وما قلنا لحدا..” تللك دمدمات الصبية سلمى (19عاماً ) من ريف حمص تردد أغنية حلوة للفنانة فيروز.. عندما شاهدت كروم العنب تبرعم أوراقاً جديدة في منطقة النزوح رغم الألم الذي يعتصر قلبها شوقاً وحنيناً لأيام كان الفرح أجمل سماتها برفقة من قررت أن تبني معه عش الزوجية، رحلت سلمى من وطنها لكن لم يرحل الوطن معها.
لقد كانت الكرمة (العنب) مصدر الدخل لمعظم المزارعين في سوريا وتنتشر زراعتها بالمرتبة الأولى في حمص حيث يبلغ الإنتاج نسبة 26 بالمئة، تقول سلمى” كنت ابنة مزارع يملك الأراضي الخصبة التي تشتهر بكروم العنب.. آه! كانت بالأمس تسر الناظرين لكن اليوم مَن ينظر إليها يدخل الحزن قلبه دون استئذان، ومع ازدياد تصعيد النظام لقصفه العنيف للأراضي والمباني السكنية زاد قلق والدي وخوفه على من بقي من الأهل فقرر النزوح إلى تركيا.. وأنا بدوري خسرت الشاب الذي كنت أحلم به كونه من الشباب الذين منعوا من النزوح بداعي الجهاد”.
كما تكشف أم سلمى عن خبرتها الطويلة في تخزين ثمرة العنب “ورثت عن جدتي كيفية تخزين ثمار العنب وتجفيفها تحت عريشة العنب التي تتخللها أشعة الشمس وكأنها خيوط الذهب، والثمار كثيرة النضوج أعمد لطبخها (دبس العنب) الذي يعد أحد أفضل أنواع العلاج لفقر الدم لدى الناس وخاصة الأطفال.. آه! الله يرحمك يا جدتي كيف كنت تطبخي حلى العنب وتسقطي فيه الجوز بعد ضمه بالخيط وتعليقه وكأنك عمبتقولي للضيوف تفضلوا أهلا وسهلا”.
وطبعاً لا ننسى السائل المستخرج من فاكهة العنب بعد تخميره لفترة من الزمن، ويعتبر خل العنب من أهم أنواع الخل نظراً لفوائده العديدة واستخداماته الكثيرة، تقول أم سلمى” كنت أغسل ثمار العنب من الغبار والأتربة العالقة به، ثم أجففه من الماء جيداً، وبعد ذلك أعمد إلى وضع العنب مع عناقيده في برطمان/ مطربان مغلي مسبقاً ومجفّف ثم أغلقه بقطعة من الشاش، وأتركه في مكان ذي تهوية جيدة لمدّة شهرين تقريباً وبعد مضي الفترة الزمنية أقوم بتصفية السائل أو الخل بوساطة مصفاة أو شاشة، وأحفظه داخل الثلاجة ليكون جاهزاً للاستعمال أيام ما كان في.. كهربا”.
كما في الري تحتاج شجرة العنب إلى 500 مليمتر من الأمطار في العام للنمو دون ري، ورغم ذلك فإن كروم العنب تنمو بعلياً في بعض مناطق محافظة حمص. يقول والد الصبية سلمى” كروم العنب تتحمل ملوحة التربة وتنمو بعلية ما يثلج قلبي ويزيد من حماسي للعودة إلى الوطن وإلى بساتين العنب التي سقيتها بيدي الخشنتين لزيادة إنتاجها متأملاً باستمرار الحياة والعطاء مثل ثمرات العنب التي تتفتح أوراق أشجارها في كل ربيع معلنة البدء بالعطاء واستمرار الحياة من جديد.. وتعود سلمى لدمدمة أغنية فيروز” يا كرم العلالي.. عنقودك لنا ويا حلو يا عالي.. شو بحبك أنا..”.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد.