“ليس عليك أن تبحث كثيرا حتى تحبها”، داريا تلك المدينة الصغيرة ذاقت من النظام الكثير، في المقابل قدمت الكثير من دماء أبنائها، وحتى هذه اللحظة مازالت تقدم، اسمها من السرياني يعني البيوت الكثيرة، إلا أن النظام لم يبق من بيوتها الكثير، حيث تبعد عن دمشق 8 كلم، تحررت من قبضة النظام في بداية 2012م، وحتى الآن هي عصية على النظام.
كثيرة هي الأسباب التي تجعلك تعشق ترابها، فقد فقدت 235 ألفا من سكانها، ما بين لاجئ خارج حدود الوطن وبين نازح وشهيد في أراضيها الزكية، مع ذلك لم يستطع النظام المدعوم بميليشيات حزب الله من اقتحامها، في الوقت الذي عملت إيران على اختراع مقام السيدة سكينة بدعم وتسهيل من نظام بشار، وتم جلب مليشيات حزب الله اللبناني، بحجة دفاعهم وذلك ليكون لهم ذريعة لدخول المنطقة.
سكان داريا طوال خمس سنوات أثبتوا إبداعهم في إيصال صوتهم إلى المجتمع بطرق مختلفة آخرها تجمع أطفال على شكل (SOS) بعد حصار النظام ومنع إدخال المساعدات لهم، لم تكن اللفتة الأولى منهم، ففي العام الماضي لجأ ناشطون لطباعة عملة ورقية تعبيرية من فئة ألف دولار، في إشارة إلى ذكرى مرور ألف يوم على حصار المدينة من قبل قوات النظام، كما كان لثوارها في أول الثورة بصمتهم بالرسومات على حيطانها بالعبارات المناهضة للنظام والمطالبة بإسقاطه.
داريا تقدم دائما نموذجا أسطوريا فكل البراميل المسقطة عليها لم يخفف من عزيمتها أبدا فقد أكد سكانها حرصهم على القراءة رغم كل الصعوبات، ليجمعوا تحت الأرض 11ألف كتابا ثقافيا وعلميا وروايات ومراجع مهمة، لتكوين مكتبة ضخمة الأولى الفريدة من نوعها أسسها لاحقا حركة “فجر الأمة” من داخل المدينة المحاصرة، وكانت المكتبة لإيمان الناشطين بضرورة تفعيل المطالعة والبحث رغم كل الظروف الصعبة.
كل يوم يوثق ناشطون عدد البراميل المسقطة على المدينة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لتكن حوالي أكثر من 6000 برميل متفجر خلال خمس سنوات مضت لتدخل في هدنة الأيام الماضية، بعد اتفاق دولي بين أمريكا وروسيا لوقف النظام الأعمال القتالية في داريا، فقد خسر المدينة أكثر من 2400 شهيد من قصف البراميل المتفجرة فقط بينهم أطفال ونساء، لينعم سكانها بقليل من الراحة بعد سنوات طويلة من القصف المستمر.
وعود كثيرة من الأمم المتحدة لرفع الحصار عن مدينة داريا، إلا أنها حتى هذه اللحظة تبقى وعودا، فمدينة داريا تعاني من نقص في المواد الغذائية الطبية، ومع كل هذا يخرج سكانها أمس في مظاهرة بعد وقف البراميل المتفجرة ليؤكدوا استمرار الثورة والمطالبة بإسقاط النظام.
أماني العلي …
المركز الصحفي السوري