كتابان نالوا استحقاقاً لقراءة أبناء هذا الجيل .. ووجهة نظر في مجتمع الكراهية
“مجتمع الكراهية” و” الله أو الدمار” كتابان أكثر استحقاقا لقراءة أبناء هذا الجيل وإن مضى عليهما نصف قرن ..
اللطيفة التي أتحفكم بها اليوم أنني كتبت على الشبكة اسم المرحوم سعد جمعة طلبا للتوثق من بعض المعلومات، فأجبتني بالحديث عن زمار يحمل الاسم نفسه، فتساءلت بألم: كيف يتقدم في عالمنا الزمار على المفكر الأديب السياسي؟؟؟ وهكذا يكون ..
حين أتوقف اليوم متأملا الواقع بكل أبعاده، واقع السوريين “أقصد متجانسين وغير متجانسين” حسب تصنيف بشار الأسد، أجد أن “الكراهية” هي العامل المشترك الأعظم الذي يضبط العلاقة بين الأطراف والتجمعات والأفراد وعلى كل المستويات.
وكنت أظن – وكان ظني إثما- أن المجتمع الذي سيحمل على كاهله عبء ثورة التغيير، ستسوده حميمية الإخاء والمودة والرحمة وحسن الظن والتعاون!! من علم اللغة نعلم أن من معاني كلمة “ساعد” مشاركة الساعدِ الساعدَ. وعندما يقول إنسان لآخر ساعدني، فكأنما يقول: ضم ساعدَك إلى ساعدي!! والتعاون مشاركة في تقديم العون!!
تشكل العلاقة بين المفتي المخلوع ووزير الأوقاف المظفر، أنموذجا سيئا للعلاقات البينية السائدة بين جميع أطراف وأفراد المجتمع السوري!! وعلى الضفتين أيضا..وهذا الذي يجلب الهم والغم والحزن..
كل واحد يرى في نفسه الأولى بما يليه، ولا أحد يقول نعم لمحسن. والشعار السائد: اقلعه واجلس مطرحه. والتشبث بالموقع هو الأخر أصبحا هدفا مع كثرة المؤامرات ولو على موقع مدبب مساحته رأس رمح.
جُلّ علاقات الناس تقوم على الشك وسوء الظن وتتبع العورات، والترصد بالعثرات..إن مدحَ المرءُ ، قالوا : نافق، وإن نبّه أو نصح، قالوا: هجا، وإن صمت سئل عن سر الصمت، وما بين يديه وما خلفه…وكل شيء مأخوذ ومفسر بسر الظن وبالريبة ..
والكراهية التي تتحكم في المتجانسين، تتحكم في القدر نفسه في غير المتجانسين. وربما في الأفق الأول عصا تلجم بعض الأفواه وفي الثاني الذي تلحظون.
في الغابة كثير من المفترسات إذا شبعت تعف, وفي عالم الإنسان “لا يملأ جوفَ ابن آدم إلا التراب”. وصرنا إلى ما قال الأول:
والناس كلهم بكر إذا شبعوا…
يضحك كثير منا على أنفسهم بتفسير كل ما يجري “بالإيديولوجيا” وهي في براءة الذئب من دم يعقوب. وبعض الناس يفسرون ما يجري بالهجاء المأجور، وهو غير بعيد، ولكنه لا يفسر الكل ولا يحتويه…فالخرق أوسع والداهية أكثر اصفرارا..
العلاقة بين “السوريين” وأمرهم الذي يعنيني في هذا المقام، هي علاقة التربص. وانتظار العثرة ، أو ما يمكن أن يكون عثرة ولو بتمحل شديد. وإظهار البراءة والحوقلة وطلب الستر من الله هي بعض رسائل الصالحين. يدعو وقد ذُكر أخوه، أو ذَكر أخاه : نسأل الله أن يحسن خاتمتنا. وقد وصلت رسالته وهو يعلم،. وكل فرد يمكن أن يكون ضحية ويمكن أن يكون جلادا في الوقت نفسه. وألسنة بعض الناس أشد لسعا من سياط الجلادين في أقبية بشار ..
يقول لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: لن تدخلوا الجنة حتى نؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا ..هل هناك من يدرك سر العلاقة بين الإيمان والحب في بناء المجتمعات أقصد. هل يضر اجتماعنا على قليل من الخطأ إذا اجتمعنا عليه أو الأنفع والأولى أن نفترق ثلاثا وسبعين طلبا لما يظنه البعض صريح الصواب ومحضه وخلاصته. ليس عن أمر الدين أحكي بل عن أمر الدنيا أيضا. لماذا لا نقبل أن نلتقي في بحبوحة مجتمع ودولة عنوانهما: لا ظلم اليوم …
مدعو إيمان يزعمون وبأساليب مختلفة أن من لم يقل بقولهم فقد مرق أو فسق. مدعو عقل يظنون أن من لم يقف خلفهم لم يعرف معنى وطن …
وحتى لا نبادلهم فننابذهم نقول لأهل الأحلام والنهى: هل لهذا الأمر من تلاف .. هل لذناباه من مطلب…
وهل هناك من العقلاء من يحاول الاستدراك على هذا الحال، فيتفقد معنى الحميمية المجتمعية الأخوية التي تجمعنا كأبناء مجتمع، ووضعها في المكانة التي تستحق. أم أن الاستثمار في كل هذه من الشركات المساهمة التي تدر بالربح على المساهمين؟؟؟
نقلاً عن مدير مركز الشرق العربي: الأستاذ زهير سالم.
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع
رابط المقال: http://www.asharqalarabi.org.uk/%D9%88%D8%AC%D9%87%D8%A9-%D9%86%D8%B8%D8%B1-%C2%A0%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D8%A9_ad-id!474154.ks#.YaNzOdDP25c