تسببت الأوضاع الحالية في سورية بأضرار كبيرة في شبكة المياه بالبلاد، وخصوصاً في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، نتيجة قصف النظام المستمر لتلك المناطق، وتوقف عمل مضخات المياه بسبب انقطاع الكهرباء عن تلك المناطق، وأصبح الاعتماد على الآبار الجوفية والارتوازية كمصدر وحيد لمياه الشرب.
اتبع النظام السوري منذ اليوم الأول لانتفاضة الشعب السوري ضده النهج التدميري، وقام بتدمير البنية التحتية في سوريا، فتوقفت الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وغيرها من المؤسسات، حتى أتى تنظيم الدولة “داعش” ليمنع دخول كافة المشتقات النفطية إلى مناطق الشمال السوري، الواقع تحت سيطرة المعارضة السورية، ما أدى إلى ارتفاع غيرِ مسبوق في أسعار كافة المواد، وأدى إلى نفاد مخزون مادة “الديزل” في كل من حلب وإدلب، وارتفعت أسعار الوقود أضعاف ما كانت عليه، حيث وصل سعر ليتر الديزل (المازوت) إلى 550 ليرة سورية في بعض المناطق، وتعتبر مادة الديزل أساس عمل المحركات والمولدات والمضخات المائية، ما زاد من معاناة الناس الذين يعيشون أصلاً في ظروف صعبة.
رحلة طويلة مع المعاناة لتأمين المياه وتنقيتها لتكون صالحة للشرب، “أبو إياد” متزوج ولديه سبعة أولاد، من سكان ريف إدلب الجنوبي حدثنا عن معاناته قائلا: “لقد أصبح اعتمادنا على الصهاريج (خزانات)، التي تنقلها الجرارات والسيارات الخاصة تتم تعبئتها من الآبار الجوفية والارتوازية، ومع انقطاع المحروقات والحصار الخانق الذي حلّ بنا، ارتفع سعر خزان المياه سعة 20 برميل من 1200 ليرة إلى 6000 ليرة سورية، وأحتاج شهرياً إلى ثلاثة صهاريج أي 18 ألف ليرة سورية، فلقد أصبح للمياه مصروف آخر لم يكن بالحسبان، ولم يعد بوسعنا تحمل نفقات المياه إلى جانب النفقات الأخرى”
بعض المناطق السورية القريبة من الأنهار والسدود هي أفضل حالاً، من المناطق البعيدة عن هذه السدود، حيث تشكل السدود حجر الزاوية في منظومة المياه في سورية، ويبلغ عدد السدود المستثمرة 161 بتخزين إجمالي نحو 19 مليار م3، وأكبرها سد الفرات بتخزين 14 مليار م3، وتستثمر السدود لأغراض توليد الطاقة ولمياه الشرب ولدرء الفيضانات ولأغراض الري، وهي تسهم بشكل فعال في منظومة الأمن الغذائي.
ومن جهة أخرى قال: “حسان” وهو مزارع في ريف إدلب الجنوبي: “لقد أصبح من الأصعب تأمين مادة المازوت لعمل الآبار الجوفية، نعتمد عليها بعملية الري للمزروعات الصيفية خصوصاً الخضراوات، وإن بقي الحال عما هو عليه، سوف أتطر للتوقف عن عملية الري للمزروعات، وبالتالي سوف تجف تلك المزروعات”
حال “غسان” يتشابه مع معظم المزارعين في المنطقة، ما ينبئ بكارثة إنسانية يصعب على الجميع تحمل نتائجها، ويصب اهتمام السوريين الآن إلى تأمين مياه الشرب أولا ثم ري المزروعات ثانيا، التي تضاعفت تكاليفها بسبب ارتفاع أسعار المحروقات.
ويطالب أهالي المناطق المحررة الفصائل المسلحة وعلى رأسها جيش الفتح، بتدارك الكارثة قبل تفاقمها أكثر من ذلك.
وهنا يظهر التحدي الأكبر أمام المعارضة السورية المسلحة، هل ستكون فعلاً قادرة على إدارة هذه المناطق وتأمين حاجيات المواطنين؟.
المصدر : اتحاد الديمقراطيين السوريين