المركز الصحفي السوري
علي الحاج أحمد 2/5/2015
لاشك بأن تقلّص المساحات المزروعة جاء نتيجة طبيعية بسبب الوضع الأمني والصعوبات في توفير مستلزمات الإنتاج الزراعي من بذار وأسمدة وتحرير أسعارها ونقل المحاصيل إلى مناطق التسويق، كذلك انعكس ارتفاع أسعار المحروقات وندرتها وانقطاع التيار الكهربائي على النشاط الزرعي، الأمر الذي انعكس على عمليات الري المعتمد على المحركات والمياه الجوفية، كما أن بعض المزارعين لم يتمكنوا من جني محاصيلهم ولا الاستفادة من خصوبة أراضيهم، فأدى كل ذلك إلى رفع تكاليف الإنتاج لتتحول المحاصيل إلى عبء على الفلاح إضافة إلى مشاكل الري والتلوث وغياب التسويق.
أدت الظروف بالقائمين على الوضع الزراعي إلى تقليص المساحات المزروعة وتقليل العناية بمنتجاتهم، وهو ما انعكس على مردودية وحدة المساحة، فانخفضت الريعية الاقتصادية للمحاصيل الزراعية بسبب ارتفاع التكاليف مع غياب التسعيرة المنصفة للمحاصيل، وهو ما كان له تأثير على الأسواق المحلية تمثل بارتفاع أسعار مختلف السلع وفقدانها في بعض الأحيان.
كان لنا حوار مع الفلاح “أبو أحمد” من ريف إدلب الجنوبي، أفادنا بقوله: لقد تقلصت المساحات الزراعية بسبب الأزمة الحرجة التي تمر بها البلاد، ولقد نزح معظم سكان المدن إلى الأرياف والمناطق الزراعية، بعد أن قام طيران النظام بتدمير منزلي نزحت أنا وأسرتي إلى بستاني المشجر زيتون، واقتطعت جزء منه وبنيت فيه منزل صغير وسكنت مع أسرتي فيه، وهذا حال معظم السوريين الذين دمرت بيوتهم وتقطعت بهم السبل، لقد تم تحويل الأراضي الزراعية إلى مناطق سكنية.
عدا عن ذلك هناك مناطق زراعية خصبة تم تحويلها إلى ساحات قتال وإلى أرض معارك، السيد “عدنان” فلاح من قرية “تل ملح” يقول: إن مساحة الأراضي الزراعية في قرية “تل ملح” والقرى المحيطة بها تتجاوز 10 آلاف هكتار وتعد من أخصب الأراضي في منطقة محردة ومحافظة حماة، وهذه المساحة الشاسعة كلها أرض معركة ونقاط إشتباك بين الجيش وكتائب الثوار، منذ عام 2013 حتى الآن وهذه الأراضي قد هجرها أصحابها بسبب الحرب، وتشرد أهلها ومعظم سكان القرية قد نزح إلى ريف إدلب الجنوبي إو هاجر إلى للعمل في تركيا.
ونتيجة للأزمة التي تعصف بسورية، تأثّر قطاع الزراعة والإنتاج النباتي والحيواني كثيراً، فتراجعت مساهمته من الناتج المحلي من 20% في 2010 إلى أقل من 5% في 2013 وخلال 2014 انخفضت نسبة المساحات المزروعة بالقمح 76%، والشعير 83%، والشوندر السكري إلى 60%، ومساحة القطن إلى 38%.
وقبل الحرب كانت سوريا تنتج نحو 3.5 مليون طن من القمح في المتوسط سنويا وكانت الحكومة تشتري حوالي 2.5 مليون طن من تلك الكميات.
ويجعل القتال من الصعب تحديد مساحات الأراضي الزراعية التي فقدت جراء الصراع لكن معظم الأرقام في الآونة الأخيرة تشير إلى أن المساحات المزروعة بالقمح تقلصت 15 في المئة عن متوسط المناطق المزروعة فيما بين عامي 2007 و2011.
وبعد تدهور إنتاج محصول القمح، يأتي التفاح ثانياً، لتتحول سوريا التي تحتوي على 15 مليون شجرة تفاح من بلد مصدّر لهذه الثمرة إلى مستورد لها.
أما إيران حليفة النظام فكانت المستفيد الوحيد من هذه الكارثة الزراعية الجديدة حيث حولها النظام السوري كمصدّر وحيد لهذه الفاكهة السورية بامتياز.
ولا شك أن الخاسر الوحيد والمتضرر الأكبر من هذه الكوارث، هو المواطن السوري، فلقد بات رغيف الخبز حلماً في بعض المناطق ولهيب الأسعار حرق السوريين، وإن بقي الوضع عما هو عليه سوف تتحول سوريا إلى صومال ثانية من حيث المجاعة.