أكد نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش، أن فشل المساعي والجهود لإيجاد حل سياسي وسلمي في سوريا لن ينعكس عليها فقط وإنما على جميع دول المنطقة، قائلا “إن لم نقم بحل الأزمة السورية سلمياً فإن النار ستلتهم الجميع”.
وفي لقاء مع قناة “العربية” ضمن برنامج “مقابلة خاصة” تم بثّه مساء الإثنين، أضاف قورتولموش “نحن لا نرى أن عملية وقف إطلاق النار قد نجحت في سوريا بنسبة 100٪ توجد انتهاكات ونحن نتمنى أن وقف إطلاق النار يتواصل حتى تتم مباحثات السلام والجهود الرامية للحل السياسي والسلمي للأزمة السورية”.
وأشار نائب رئيس الوزراء إلى أن “الأزمة السورية التي استمرت 5 سنوات تحوّلت إلى حرب أهلية ثم بدأ النظام السوري بإطلاق النار على المدنيين واستخدام غاز السارين ضدهم في حمص وحماة وحلب ودمشق ودمّر تلك الخزينة الحضارية والتاريخية في المنطقة”.
وقال “النظام السوري نظام ديكتاتوري دمّر بلاده وتمنينا لو أن الحرب الأهلية قد انتهت، هي انتهت قبل سنتين وبدأت حرب دولية بالوكالة داخل الأراضي السورية وبدأت بعض الدول تدعم كثيرا من التنظيمات المسلحة والتنظيمات الإرهابية العاملة في سوريا”.
واستدرك قائلاً “النظام الروسي تدخل بشكل مباشر في سوريا بشهر أيلول/ سبتمبر الماضي، وحينها انتهت الحرب بالوكالة وبدأت الحرب المباشرة والحرب الفعلية بين القوى الدولية على الأرض السورية، تلك الحرب التي تشارك فيها روسيا وإيران وأمريكا وربما حتى الصين، كثير من الجيوش الدولية توجد في سوريا وعلى مشارفها، وتوجد قوى التحالف هنا في تركيا ونحن إذا لم نقم بحل الأزمة السورية سلمياً فإن النار ستلتهم الجميع”.
وأضاف “نحن ندعو أمريكا وروسيا وكافة الدول لدعم الحل السياسي والسلمي للأزمة السورية وإن فشلت تلك المساعي فإن ذلك سينعكس ليس فقط على سوريا وإنما على كل دول المنطقة”.
ورأى قورتولموش أن التدخل الخارجي سيفشل في سوريا، موضحاً بالقول “نحن عندما نتحدث عن تدخل خارجي في دولة ما فإنه لا يمكن النجاح في مثل هذه المسائل.. أمريكا فشلت في احتلال أفغانستان وكذلك في العراق ولذلك فإنه لا ينجح أي تدخل خارجي، ذلك لأن صوت الشعب هو من ينتصر في النهاية”.
وقال “نحن نرى أن طلبات الشعب السوري هي القول الفصل مهما تدخّل الأجانب، ومهما تدخلت روسيا وإيران بشكل قوي، فإن المطالب الشعبية هي التي ستتحقق على أرض الواقع والسوريون يريدون إنهاء النظام الديكتاتوري وإحلال الأمن والسلام، والشعب يريد أن يضع كلمته على الطاولة وهم يبحثون عن حل”.
وأشار إلى أن سوريا “عاشت ربيعاً عربياً وربما تم الضغط عليه أو إخماد صوت الشعب السوري وهذا لا يعني أن الربيع العربي فشل في سوريا، نحن نتحدث عن مطالب شعبية في سوريا نتمنى أن تتحقق ولو على المدى الطويل”، حسب تعبيره.
وعن سؤال حول الخطط البديلة في سوريا التي يتم الحديث عنها، أجاب قورتولموش “نحن لا نريد أن يتحّول الوضع في سوريا إلى حرب شاملة، ونرى أن الولايات المتحدة تحدثت عن خطة تقسيم سوريا كخطة بديلة لكنها تخلّت عنها”.
وأضاف أن الخطط البديلة “تعمل على تقسيم المنطقة والسيناريو الرئيسي هو إتمام مخطط سايكس بيكو قبل 100 عام، فهم إذاً يريدون تقسيم المقسّم، يريدون رسم حدود جديدة، وأنا أسالهم هل يوجد حدود طبيعية أو تاريخية بين دول المنطقة بالطبع لا لأن الحدود مصطنعة تم رسمها بالمسطرة”.
وأشار إلى أن الشرق الأوسط “شهد انقسامات جديدة على أسس مذهبية وإثنية لذا فإننا ندعو لترميم العلاقات بين الشعوب ودول المنطقة ونرفض التقسيم ونقف إلى جانب وحدة الأراضي السورية وبناء دولة ديمقراطية تمثل كافة مكونات الشعب”.
وحول علاقة تركيا مع الولايات المتحدة الأمريكية أوضح قورتولموش أن بلاده تمتلك “علاقات قديمة” مع واشنطن تتجاوز التحالف الدولي الذي تقوده، وإن بلاده “دولة مهمة في المنطقة بالنسبة للولايات المتحدة”.
وأضاف “حذّرنا الولايات المتحدة من تسليح بعض المنظمات الإرهابية وقلنا لها أن تلك الأسلحة قد تنتقل للجانب التركي وبالفعل هذا ما حدث عبر انتقالها إلى منظمة بي كاكا الإرهابية”، ولفت إلى أن بلاده “عبّرت للجانب الأمريكي عن انزعاجها أيضاً من تسليح ب ي د”.
وعن طبيعة علاقة أنقرة مع الأكراد قال “علاقاتنا مع أكراد العراق علاقات صداقة كذلك لسنا منزعجين من وجود كردي في شمال سوريا، فكثير من مواطنينا الأكراد يحملون الجنسيتين السورية والتركية”، مشيراً إلى وجود عائلات تركية وسورية لديهم صلات قربى على جانبي الحدود، مشدداً أن أنقرة “منزعجة فقط من عمليات التطهير العرقي التي تستهدف العرب والتركمان شمالي سوريا”.
واستدرك أن أمريكا “تنتهج سياسة متذبذبة في الشرق الأوسط فأحيانا تدعو لإسقاط الأسد وأحيانا لا والشعب السوري هو من يدفع ثمن تلك السياسة”.
وعن سؤال حول تغير في الموقف التركي تجاه الأسد وهل يمكن أن يكون جزءا من الحل ولو مرحليًا على الأقل؟، أجاب قورتولموش “هذا النظام قتل أكثر من 450 ألف إنسان، وخرب المدن، حتى لو أردنا نحن أن يبقى في السلطة، فإن الشعب السوري سيرفض ذلك، لذلك نحن لا نستطيع أن نغيّر الحقيقة”.
وأضاف “المفاوضات وصلت الآن إلى نقطة متقدمة، وقد يقبلون بالأسد خلال المرحلة الانتقالية، ولكن الأهم هو المرحلة التالية التي يتم فيها تطهير سوريا من كل القتلة، كنظام الأسد وداعش والنصرة، هذه هي النقطة المشتركة التي اتفقنا عليها، المهم هو تطلعات الشعب السوري، لذلك نحن لا نقبل بسلام لا يقبله الشعب السوري”.
وبالنسبة للموقف الرسمي للحكومة التركية حول هذا الملف، أوضح قورتولموش وهو الناطق باسمها، “هذا النظام الذي قتل شعبه بشكل وحشي ليس له مستقبل في سوريا، ولن يأتي بخير، وهذا هو موقف تركيا، ولكن إذا كان من اللازم أن يكون النظام جزءا من الحل بشكل انتقالي فهذا الأمر يمكن أن يكون وهو أمر طبيعي، لكن المؤكد أن الأسد لن يكون له مكان في مستقبل سوريا”.
وحول حديث أنقرة مرارًا عن المنطقة الآمنة في سوريا، وهل يرى أن هذا الطرح ممكن في ضوء التطورات خلال المرحلة الأخيرة، وتغيّر المعادلة على الأرض داخل سوريا؟، أجاب قورتولموش “نحن نرى أنه لم يبق مجال لإحلال منطقة آمنة في سوريا، نحن نتمنى أن تنتهي الحرب وتصبح سوريا كلها آمنة”.
“هل تعتقد أنكم تأخرتم؟”، يسأل المحاور ليجيب نائب رئيس الوزراء “الجميع والمجتمع الدولى تأخروا في إحلال منطقة آمنة في شمال سوريا، لو قبلوا بمشروع تركيا بإنشاء منطقة آمنة، لو قبلوا بدعوة تركيا لحظر الطيران الحربي فوق الأجواء السورية، لما وصلنا إلى هذا الحد من الخراب والقتل ولما بقيت أوروبا معرضة لموجات اللاجئين بهذا الشكل، ولما ذهب 3 ملايين سوري إلى الأردن ومثلهم إلى تركيا، لو قبلوا بمشروع تركيا بإنشاء منطقة آمنة شمالي سوريا يتم فيها إيواء اللاجئين ويتم فيها منع الطائرات من التحليق والقذائف، لما وجدنا الآلاف يغرقون في البحر وهم يحاولون الانتقال إلى القارة الأوروبية”.
وعن رؤية تركيا لحزب الله وخاصة بعد تصنيف مجلس التعاون الخليجي له كتنظيم “إرهابي” مؤخراً، قال قورتولموش “حزب الله في لبنان للأسف شارك في عمليات القتل داخل سوريا وذلك لا يمكن تبريره، لبنان عانى من الحرب الأهلية لسنوات طويلة والآن يبحث عن الاستقرار، وسوريا الآن تعاني من الحرب الأهلية وتريد الاستقرار ولكن للأسف نجد حزب الله انتقل من الأراضي اللبنانية إلى الأراضي السورية وهذا أمر لا يمكن قبوله أو تبريره وهو انتهاك لحرمة سوريا”.
وأضاف “تركيا الآن عندها مسائل أساسية وهي تريد من حزب الله ألا يكون جزءا من الحرب الدائرة في سوريا، وحزب الله هو جزء من المجموعات المسلحة في سوريا وتركيا تريد تطهير سوريا من المجموعات المسلحة كافة ومن بينها حزب الله”.
وعن سؤال حول أي تغير في الموقف التركي تجاه اللاجئين السوريين، أوضح قورتولموش “أبوابنا مازالت مفتوحة فتحنا بيوتنا لكل لاجئ قادم من سوريا ومن غير سوريا فهذا واجب إنساني وحق الجوار نحن لا نسأل أحد هل أنت عربي أم تركماني أم سني أم شيعي أم يزيدي كل من لجأ إلينا قبلناه ورحبنا به ومازلنا نواصل واجبنا الإنساني”.
وأضاف “أنفقنا تقريبا 5 مليارات دولار على اللاجئين في المخيمات كثير من الدول الثرية لم تساعدنا في هذا الأمر، دول عربية صديقة لم تساهم بالكثير، نحن لا نلتفت إلى ذلك وأوصلنا مساعداتنا إلى اللاجئين السوريين، وفي الصيف الماضي عندما غرق الطفل إيلان الكردي وانتشرت صوره في أنحاء العالم بدأ العالم ينتبه إلى أزمة اللاجئين السوريين وبدأ الغرب يفهم المسألة”.
ووجه قورتولموش رسالة “مثلما أنهم طوروا سياسة أوروبية مشتركة عليهم أن يطوروا سياسة تتعلق باللاجئين على أسس إنسانية حتى يحسنوا من أوضاعهم، إذا أوضحت أوروبا موقفها وأغلقت أبوابها بشكل تام، بعض الدول تفعل ذلك، بعض الدول تصادر أموال اللاجئين أيضًا، ولكن المثل يقول إذا أغلقنا الباب يدخلون من الشباك لن يستطيعوا إيقاف أمواج اللاجئين ما دامت الحرب قائمة في سوريا ومادامت آلة القتل فاعلة هناك”.
وأضاف أنه “يجب علينا أن ننهي الأسباب التي أدت لسياسة النزوح واللجوء أن نقضي على النظام الدكتاتوري في سوريا وعلى الإرهاب كي نحل أزمة سوريا، وتركيا ضد تهريب البشر وقبل شهر اتخذنا قرارا حكوميا بأن نصدر قانونا يعد عملية تهريب البشر جريمة إرهابية وقمنا باتخاذ إجراءات ضد الكثير من المهربين”.
وفي ختام اللقاء، سأل المحاور قولتولموش بأنه معروف عنه بأنه من محبي ومتابعي كرة القدم ويشجع فريق فنربهتشه التركي وهل تابع المباراة الأخيرة بينه وبين بشيكطاش التي فاز بها الأول على الثاني، فأجاب قورتولموش “شاهدت ملخصا لهذه المباراة، فنربهتشه لعب بشكل جيد، وأرى أن الفريقان يتنافسان على البطولة وعلى كأس أوروبا وتركيا، أرى أن فنربهتشه سينهي هذا الموسم بشكل جيد وهذا ما أتمناه”.
الأناضول