وهل يحتاج الموتُ في الغوطة الشرقية سبباً أكثـرَ من الـحـرب !؟، تعددت الأسباب والمعاناة واحدة، بدءاً باستئناف حصارٍ آخرَ فرضته قوات النظام منذُ أشهرٍ، وانتهاءً باقتتالٍ داخليٍّ غـيَّـرَ جغرافيةَ الحياة في تحقيق سبل العيش بخسائرَ أقل.
“هبة” ناشطة في مجال الدعم النفسي، كانت قد أنهت مخطط مشروعٍ في دعم المرأة، وفي لحظاته الأخيرة أُجهضَ بسبب صعوبة التنقل بين مدن وبلدات الغوطة الشرقية، تقول بمرارة :” لم أضع في الحسبان مشكلة الطريق في ظل الاقتتال الداخلي الدائر….لذا قررت إيقاف المشروع حتى إشعار إنهاء الاقتتال ….ولاسيما أن التواصل مع العاملين في المشروع أصبح عبر السكايب فقط، ونحن كلنا في الغوطة الشرقية!!!”.
أما “محمد” أحد طلاب المعهد المتوسط فوجىء بإغلاق الطريق أثناء توجهه إلى مكان الامتحان بسبب حملة أمنية طارئة لجيش الإسلام أغلق فيها مدينة مسرابا في ساعات الصباح الأولى الأحد، ولم يتمكن من إجراء الامتحان، بينما تمكن بقية الطلاب المقيمين في حرم المكان من دخول قاعة الامتحان الذي استمرّ دون مراعاة ماحدث !.
لم يكن محمد الوحيد فمعظم الطلاب توقفت دراستهم منذ بدء الصراع بسبب انتماءاتهم وتعذّر وصولهم إلى معاهدهم وجامعاتهم، لتشمل المعاناة أيضاً المعلمين والموظفين، وتمثل “أمل” صورة واضحة لهم فهي موظفة تقيم في مديرا، بعد أن فشلت في عبور حاجزين، ترجع وتلفُ في طريق طويل تضطر بعده إلى عبور الحاجز الثالث وتصعد الساتر الترابي المرتفع تحت تهديد أحد قناصة الفصيل المسيطر حتى تصل إلى مدرستها في مدينة دوما في معاناة يومية مفتوحة بلا حلّ …
وعلى صعيدٍ طبيٍ آخر، يلقى المريض مشقة مضاعفة للوصول إلى طبيبٍ معالجٍ يقيم خارج حدود مدينته …
بينما القطاع الطبي تعرضت أحد الكوادر العاملة فيه إلى اعتداء على يد أحد الحواجز التابعة لفيلق الرحمن منذ شهرين، كما تعرض أفراد منظومة الإسعاف المدني ل”شام الإنسانية” إلى الاعتقال ليفرج عنهم فيما بعد، مما دفع المؤسسات الطبية والمدنية في الغوطة الشرقية لإضرابٍ عام .
وعلى خلفية الاقتتال الداخلي الأخير فرضت الفصائل متاريسها وحواجزها الرملية بمرتفع يثبّتُ أمدَ الاقتتال بينها منذ أن بدأ، وأضحت الطرقُ العامة طرقاً عسكريةً محظورةً على المدنيين تحت طائلة التوقيف على الحواجز والتفتيش ورؤية الهويات الشخصية في صورة رأى فيها المدنيّون تشابهاً واضحاً مع حواجز النظام مع اختلاف المسيطرِ واتّباع النهجِ ذاته إلى حدٍ ما!!!
يستمر الاقتتال وتتفاقم معاناة المدنيين ولاسيما بعد التصعيد العسكري الحالي الذي تنتهجه قوات النظام على الغوطة الشرقية ليستنزف مزيداً من دمائها فإلى متى يدور الصراع ؟!!!
وإلى متى تنأى المؤسسات المدنية عن تبني موقف فاعلٍ يساهم في رأب الصدع ؟!!!!
المركز الصحفي السوري_ مها المكوكي