شهدت غوطة دمشق الشرقية منذ الإعلان عن التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين النظام وقوات المعارضة، أحداثاً عدة أثارت التساؤلات حول طبيعة العلاقة بين الفصائل العاملة في الغوطة التي يحاصرها النظام منذ أربع سنوات مع تزايد محاولات استهداف بعض القضاة ورموز المنطقة.
وبالتزامن مع سريان وقف إطلاق النار برزت الخلافات بين «جيش الإسلام» وبعض «وحدات الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» ثالث أكبر فصائل الغوطة، قبل أن يتم الإعلان عن الاندماج الكامل بين الأخير، و»فيلق الرحمن»، وانضمام العشرات من عناصر الاتحاد ممن هم من أهالي دوما خاصة إلى «جيش الإسلام».
التطورات الأخيرة كانت سبب الاشكال الرئيسي بين الفصيلن، لينضم الاتحاد تلقائياً إلى غرفة العمليات المشتركة لتنسيق الجهود العسكرية التي تضم فيلق الرحمن وجيش الإسلام منذ أشهر في إشارة واضحة على الوفاق بين هذه الفصائل. ومع استمرار الخلاف العميق بين هذا الحلف والحلف المقابل الذي أعلن عن تأسيسه مؤخراً وهو «جيش الفسطاط» والذي يضم «جبهة النصرة» في الغوطة و«أحرار الشام» فرع الغوطة، و«فجر الأمة» الذي دخل في خلافات حادة مع عدد من الفصائل بسبب قضية الأنفاق الشائكة قبل دخول هذا الجيش، لتتشكل حالة من الاحتقان بين هاتين الكتلتين أثرت بشكل عام على جبهات الغوطة العسكرية.
وخسرت المعارضة مطار المرج العسكري ذي الموقع الاستراتيجي والذي حرر قبل أكثر من ثلاث سنوات، وهددت الغوطة بالتقسيم في حال استمرار تقدم قوات النظام على هذه الجبهة التي لم تدخل في وقف إطلاق النار في حسابات النظام فجهز حملة ضخمة لاسترجاع مزيد من الأراضي فيها منذ أيام بغطاء ناري وجوي كثيف.
ودخلت الغوطة مؤخراً منعطفاً جديداً عندما حاولت جهة مجهولة اغتيال الشيخ «خالد طفور» القاضي العام السابق وعضو المجلس القضائي الموحد فيها والذي تعرض لمثل هذه المحاولة سابقاً ونجا منها.
ويعتبر الشيخ أبو سليمان من كبار العلماء المعتدلين في الغوطة الشرقية ومن أشهرهم في دوما، وهو أحد مؤسسي العمل المسلح في الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام وعضو الهيئة الشرعية لدمشق وريفها، ولم يشغل أي منصب عسكري مكتفياً بالقضاء الذي استقال من إدارته بسبب الخلاف مع الفصائل العسكرية لعدم امتثالها، وعلى رأسها جيش الإسلام.
وفي حديث خاص مع الناشط عبدالله الشامي المقرب من جيش الفسطاط والذي أصدر بيان ندد فيه بالعملية قال: «إن ملابسات العملية مجهولة لكن أصابع الاتهام توجه إلى جيش الإسلام الذي لم يكن على علاقة طيبة بالشيخ طفور عكس كل الفصائل في الغوطة».
أما الناشط أبو صالح من الغوطة فقال لـ «القدس العربي» «إن محاولات الاغتيال المتكررة التي يتعرض لها القضاة هي نتيجة للأحكام التي يصدرها بعضهم ومنها الاعدام، وأيضاً التعارض مع سياسات بعض الفصائل»، وأضاف أن «القاضي طفور لايزال في المجلس القضائي بعد استقالته من إدارة القضاء وهو على تواصل مع مختلف الفصائل لمحاولة توحيدها، ولا تزال الجهة المسؤولة عن محاولة الاغتيال غير معلومة والثابت الوحيد أن النظام هو أكبر المستفيدين من مثل هذه الأعمال».
واعتبر أن الهدف من هذه الأعمال هو تأجيج الخلافات وبث الفتن بين الفصائل خاصة بضرب القضاء الذي يلعب دوراً رئيسياً في تسيير حياة الناس.
ولم يستبعد أبو صالح وجود خلايا للنظام في الغوطة تقوم بمثل هذه العمليات، كما نوه إلى أن عمليات ملاحقة لخلايا تابعة لتنظيم الدولة لا تزال مستمرة إلى اليوم، وأشار المصدر إلى أن الكيدية والفردية تحكمان العلاقة بين بعض الفصائل في الغوطة في الوقت الراهن.
القدس العربي