تعد القصة من أبرز أنواع أدب الأطفال، حيث تتخذ الكلمات فيها مواقع فنية في الغالب، كما تتشكل فيها عناصر تزيد من قوة التجسيد من خلال خلق الشخصيات وتكوين الأجواء والمواقف والحوادث، وهي بهذا لاتعرض معان وأفكارا فحسب، بل تقود إلى إثارة عواطف وانفعالات لدى الطفل، إضافة إلى إثارتها العمليات العقلية المعرفية كالإدراك والتخيل والتفكير.
ومع أن هناك من يرى أن وظيفة القصة الأساسية ليست ثقافية، إلا أنها في جميع الأحوال تشكل وعاء لنشر الثقافة بين الأطفال، لأن من القصص ما يحمل أفكارا ومعلومات علمية وتاريخية وجغرافية وفنية وأدبية ونفسية واجتماعية، فضلا عما فيها من أخيلة وتصورات ونظرات.
وقد توسل الإنسان بالقصة منذ فجر الحياة، إذ ركن إليها كأسلوب أراد به تهذيب الأخلاق والسلوك وإشاعة الحكمة بصورة جذابة وأسلوب مؤثر، وعبر من خلالها عن نظراته إلى جوانب الحياة وإلى الكون وظواهره، أي أنه استعان بالقصة في التعبير عن نفسه، وفي نقل أفكاره وخيالاته إلى الآخرين.
وقد أبدعت المجتمعات البشرية عموما فيضا من القصص، حيث أراد الإنسان مواجهة ماينتابه من مخاوف عن طريق تمجيد أعمال البطولة وإبراز دور “الأرواح الخيرة” في الانتصار على قوى الشر.
وبوجه عام لا يمكن إغفال الدور الثقافي للقصة في حياة الطفل، رغم أنها نوع أدبي فهي تحمل مضمونا ثقافيا، لذا فإن باحثي الثقافة والشخصية يعتبرون تحليل القصص الشائعة عملية تقود إلى تحديد بعض سمات روح المجتمع الذي يشيع فيه، وتحليل قصص الأطفال بالذات يقود إلى الوقوف على سمات عديدة من بينها تحديد مايريده الكبار لأطفالهم.
ويلاحظ أن الأطفال شديدو التعلق بالقصص، وهم يستمعون إليها أو يقرؤونها بشغف ويحلقون في أجوائها ويتجاوبون مع أبطالها ويتشبعون بما فيها من أخيلة ويتخطون من خلالها أجواءهم الاعتيادية ويندمجون بأحداثها ويتعايشون مع أفكارها، خصوصا وأنها تقودهم بلطف ورقة وسحر إلى اللعب، كذا فهي ترضي مختلف المشاعر والأمزجة والمدارك والأخيلة، باعتبارها عملية مسرحة للحياة والأفكار والقيم.
المركز الصحفي السوري_ محمد نور الأسود