اتسمت علاقة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين بالفتور، وشابتها على مدى سنوات، خلافات عديدة، ولكن انتقام أوباما منه، جاء قبل أقل من شهر من مغادرته البيت الأبيض، بالامتناع أمس الجمعة، عن استخدام حق النقض، ضد قرار ينتقد الاستيطان الإسرائيلي في مجلس الأمن.
ولم تخفِ الولايات المتحدة الأمريكية، سرا وعلنا، معارضتها الكبيرة للنشاطات الاستيطانية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، غير أن حدة هذه المعارضة برزت بشكل واضح في الأشهر الأخيرة.
ومع كل انتقاد أمريكي، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي يرد بتصعيد الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، ما تسبب بتوتر في علاقاته مع أوباما، برز في أكثر من مرة حتى في التصريحات العلنية.
ومع ذلك، فقد امتنع أوباما على مدى 8 سنوات من تواجده في البيت الأبيض عن السماح للفلسطينيين بتمرير قرارات في مجلس الأمن الدولي ضد الاستيطان.
ويأخذ مسؤولون فلسطينيون على أوباما، عدم ربط مساعدات مالية سخية تصل إلى 38 مليار دولار على مدى السنوات العشر قادمة، بإجراءات إسرائيلية منها وقف الاستيطان.
وقد لوح الفلسطينيون مرارا وتكرار في السنوات الماضية، بالتوجه إلى مجلس الأمن الدولي بمشروع قرار ضد الاستيطان، ولكن الخشية من “الفيتو” الأمريكي كانت تمنعهم من ذلك.
ولكن وقبل أقل من شهر على مغادرة أوباما للبيت الأبيض، فإن الرئيس الأمريكي كسر أكثر من عقدين من صمت مجلس الأمن على الاستيطان بالسماح بتمرير القرار 2334.
من جانبه، يكشف مسؤول فلسطيني كبير، لوكالة الأناضول، جانبا من كواليس إعداد مشروع القرار، وتمريره.
وقال المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه:” تعمدنا إحراج الإدارة الأمريكية فاستخدمنا في مشروع القرار ذات الكلمات التي استخدمتها الإدارة نفسها في انتقادها للاستيطان في السنوات الماضية، وفي قرارات سابقة صدرت عن مجلس الأمن بعد موافقة أمريكا عليها”.
وأضاف:” قلنا للأمريكيين إن لا مبرر لهم برفض مشروع القرار فإن لغته لم تخرج عن المصطلحات المستخدمة أمريكيا أصلا”.
وتابع المسؤول الفلسطيني:” قلنا للأمريكيين: أنتم تقولون انكم تريدون حل الدولتين وتعتبرون الاستيطان عقبة كبيرة أمام هذا الحل، فكيف سيكون بإمكانكم رفض مشروع القرار، على الأقل امتنعوا عن التصويت واسمحوا له بالمرور”.
وأضاف:” أحرجنا الأمريكيين وقلنا لهم أن لا مبرر أخلاقي ولا سياسي لكم برفض القرار”.
وبعد أن حصل الفلسطينيون على ما يكفي من الإشارات، بأن الولايات المتحدة الأمريكية، ستمتنع عن التصويت سارعوا بتقديم مشروع القرار إلى مجلس الأمن ما فاجأ إسرائيل.
ورد رئيس الوزراء الإسرائيلي، على الخطوة الفلسطينية بإهانة إضافية للرئيس الأمريكي أوباما بمطالبته علنيا باستخدام حق النقض “الفيتو” ضد مشروع القرار، ومطالبة اللوبي المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط عليه.
وبالمقابل، فقد أجرى نتنياهو اتصالات مع فريق الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، وطلب منهم التحرك في وجه أوباما.
وبالفعل فقد أصدر ترامب بيانا مقتضبا أول من أمس، دعا فيه إلى استخدام الفيتو ضد مشروع القرار.
وفي هذا الصدد، كتب المحلل السياسي في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، مقالا تحت عنوان: “انتقام أوباما”.
وجاء فيه:” امتنعت الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت بعد أن اختلط الأمر على نتنياهو بشأن هوية الرئيس الحالي في أمريكا”.
كما كتب المراسل السياسي في ذات الصحيفة باراك رافيد يقول:” نفس الشخص (يقصد نتنياهو) الذي عمل من خلف ظهر أوباما، وألقى خطابا في الكونغرس يشتكي الآن من أن اوباما عمل من خلف ظهره في الامم المتحدة”.
وكان رافيد بذلك يشير إلى الخطاب الذي ألقاه نتنياهو في الكونغرس الأمريكي، دون تنسيق مع الرئيس الأمريكي، في مارس/آذار 2015، لمطالبة النواب الأمريكيين بمعارضة الاتفاق الذي أبرمته إدارة أوباما مع إيران.
اما جاكوب كورنبلوه، المراسل السياسي في موقع جويش انسيدر فكتب يقول:” ليس على إسرائيل أن تتفاجأ خاصة بعد احتضان ترامب في الوقت الذي ما زال فيه أوباما رئيسا”.
وكي يزيد نتنياهو الطين بلة، مع الرئيس الأمريكي، فقد سرب مسؤول إسرائيلي لوسائل الإعلام الإسرائيلية، قبل ساعات قليلة من التصويت ليل أمس بأن “أوباما ووزير الخارجية جون كيري تخليا عن إسرائيل”.
واتهم المسؤول، الذي لم يكشف عن هويته، وزير الخارجية كيري، بالاتفاق مع الفلسطينيين على مشروع القرار دون التنسيق مع إسرائيل.
غير أن نتنياهو، قال هذا بنفسه بعد التصويت على القرار، إذ جاء في تصريح مكتوب أرسل مكتبه نسخة منه لوكالة الأناضول:” إدارة أوباما لم تدافع عن إسرائيل ضد هذه الملاحقة في الأمم المتحدة فحسب بل هي تعاونت معها وراء الكواليس”.
وأضاف نتنياهو:” إسرائيل تتطلع قدما إلى العمل مع الرئيس المنتخب ترامب ومع أصدقائنا في الكونجرس، جمهوريين وديمقراطيين على حد سواء، من أجل إلغاء تداعيات هذا القرار السخيف”.
الأناضول