بقلم ريما محسن
“سيف في المقتل” هكذا وصف البعض من حلفاء النظام السوري “قانون سيزر” الذي تم تمديده مؤخرا عشرة سنوات ضد النظام السوري.
يُعرف عن “قانون سيزر” أنه “قانون حماية المدنيين” والذي ينص على فرض العديد من العقوبات على النظام السوري والدول الحليفة له (روسيا، وإيران)
فكيف بدأ هذا القانون؟
قام أحد الضباط المنشقين عن النظام السوري عام 2014، والذي أطلق على نفسه اسم “قيصر” بتسريب 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل ممن اعتقلوا وتعرضوا للتعذيب ثم قتلوا في سجون النظام, في حين قام قيصر بعرض تلك الصور على مجلس الشيوخ الأمريكي الذي بدوره نشرها على نطاق واسع، ولولا أن نشر “قيصر” تلك الصور لبقي موضوع الأسرى والمعتقلين مجرد أسطورة في رأي العالم العربي والغربي، سيما أنه من خلال تلك الصور تعرفت الكثير من العائلات على أبنائها وذويها ممن اعتقلوا وقتلوا نتيجة تعرضهم للتعذيب، مما أثار حفيظة الإعلام العالمي.
نتج عن ذلك، مشروع قانون “سيزر” والذي صادق عليه مجلس النواب الأميركي في 15 تشرين الثاني عام 2016 بأغلبية ساحقة، يفرض من خلاله عقوبات على النظام السوري المتهم بارتكاب جرائم حرب بحق أبناء الشعب السوري، وكذلك على حلفائه وكل من يدعمه ماليا أو عينيا، ويمهل الرئيس الأميركي من خلال مشروع القانون مدة 90 يوما لاقتراح آلية منطقة حظر جوي في سوريا، وفي حال تجاوز المدة يتعين على الرئيس الأميركي إدراج من يقدمون للدولة السورية دعما ماليا أو عينيا أو يسمح له بامتلاك أسلحة كيماوية أو بيولوجية إدراجهم ضمن تلك العقوبات لمدة عامين.
ومع حلول عام ٢٠١٩ وتحديدا في ٢٢ كانون الثاني، مرة أخرى أقر مجلس النواب الأمريكي بالإجماع “قانون سيزر” من أجل تمديده عشر سنوات أخرى، وانتظار تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي.
وبدأ السؤال لماذا الآن؟
سؤال يجول في البال; فالسياسة الأمريكية المتبعة في الشرق الأوسط منذ الأزل والتي كانت تمضي في غموض مستمر متخذة دور الأم الحنون الرؤوف في كل مناطق العرب، حيلة الذئب التي تخططها لم تعد تنطلي على تلك الشعوب، فأمريكا التي تذبذبت مواقفها مع جميع دول العالم حسب مصالحها هل حقا لم تر ما حل بأبناء الشعب السوري قبل أن يسرب “قيصر” تلك الصور، وهل حقا صدقت أن لا قصف ولا دمار ولا ضحايا نتجت عن تلك الحرب الطاحنة؟
أم أن ذاك القانون بات ورقة ضغط وتهديد لا أكثر لضمان بقاء وجودها وفرض هيمنتها وسيطرتها، لاسيما بعد أنا قامت دول عدة عربية وأجنبية بإعادة تفعيل علاقاتها مع النظام السوري الذي زعم الكثيرون بأنه المنتصر بعد تلك الحرب.
إن ما قامت به أمريكا وما أبرمته من اتفاقيات ومعاهدات، ادعت أنها لمصلحة العرب، الأمر الذي أذهل الآخرين فما الفرق بين أن يقتل شعب على يد حكومته وبين أن تقتله الطائرات الأمريكية؟
أوليس من ادعى أنه يقف في وجه نظام الأسد للإفراج عن المعتقلين ووقف شلال الدم وتأمين منطقة عازلة هو نفسه من قصف المدنيين والأطفال في العراق بذريعة وجود السلاح الكيماوي الذي لم نر منه شيئا، المصالح تعددت والقصف واحد.
ومع ظهور (الولايات المتحدة الأمريكية) واختلاف سياساتها بتعاقب رؤسائها، بقيت أمريكا على مدى سنوات غامضة المصالح، لكن سياستها باتت واضحة وضوحا جليا تمثلها خير مثال تصريحات الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” الذي طالب خلال تصريحاته من دول الخليج دفع المال مقابل حمايتها من إيران، متمثلة بالزيارة الأمريكية للسعودية، وما نتج عنها من شراء أسلحة وعقد شراكات بين الطرفين.
وبعد فترة وجيزة أعلنت أمريكا عن بدء انسحاب قواتها من سوريا بشكل مفاجئ، وتبعها تصريحات عدة لدول خليجية تدعم فيه التواجد الأمريكي في شمال شرق سوريا وبقاء قوات سوريا الديمقراطية هناك، رافق ذلك زيارات عدة قام بها بعض الدبلوماسيين من دول التعاون الخليجي إلى مدينة الرقة عاصمة الوجود الامريكي لدعم الوجود الأمريكي هناك، فهل بدأت مواقف تلك الدول بالتراجع ليبدأ الضغط الأمريكي من خلال تمديد مشروع “قانون سيزر” وهل سيغير تمديده من مواقف تلك الدول؟
هذا الامر سبب إرباكا في المجتمع الدولي وفي التوازنات الإقليمية والدولية لذا جاء الحديث الآن عن قانون سيزر والذي بات هدفه واضحا وهو كسب المال للخزينة الأمريكية التي بات اقتصادها غير مستقر في الآونة الأخيرة، ويعاني من جمود واضح بعد عملية إغلاق الحكومة الامريكية بشكل جزئي دون وجود مسار واضح لإعادة فتح أبواب الحكومة لاسيما أن انقطاع التمويل هو الأطول في التاريخ الحديث إذ تجاوز الإغلاق الرقم القياسي والذي بلغ 21 يوما في عهد بيل كلينتون.
المركز الصحفي السوري