يعيش شباب اللاذقية مؤخراً هماً وقلقا تتصاعد وتيرته يومياً، ليصل حدّ الرعب مع كل طرقة باب أو مشاهدة تجمع قريب لقوات الأمن وميليشياتها عن بعد. إذ لا يمكن لأحد أن يعيش وينأ بنفسه عن الأحداث في “مدينة الأسد”، فجميع من تتراوح أعمارهم من 18 – 40 عاماً باتوا في مرمى الاحتياط لجيش الأسد.
اصطياد الشباب
تشير الناشطة الإعلامية في مدينة اللاذقية، بنان الحسن، إلى “تصاعد حملات الاعتقال والتجنيد الإجباري التي تقودها قوات الشرطة العسكرية، وميليشيات الدفاع الوطني، خاصةً بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدها النظام في معارك درعا وإدلب”. وتضيف: “تقتحم قوات النظام منازل المدنيين بحثاً عن الشباب، بعد أن كان يكتفي بإبلاغهم للحضور لمراكز السحب عبر نشر أسمائهم على جدران كل حي. وقد نصب الأمن خلال هذا الأسبوع العديد من الحواجز الطيارة لاصطياد الشباب في الصليبة ودوار الزراعة والأزهري وأوغاريت والشيخ ضاهر، وقام بجمع أكبر عدد من الشباب، بغض النظر عن طائفتهم، وزجهم في معاركه”.
في السياق، يؤكد الناشط الإعلامي سليم العمر لـ “صدى الشام” أنّ “عناصر الأمن بدوا مؤخراً أكثر شراسة في ملاحقة المتخلفين عن الاحتياط والخدمة الإلزامية، فلم يعد تأجيل الدراسة الجامعية أو غيره كافياً للعبور من الحواجز. وقد وثقنا الكثير من الحالات التي تم من خلالها سحب شباب جامعيين رغم وجود التأجيل”. ويعلّق العمر عن الأعداد الحقيقية التي تم تسجيلها في اللاذقية للمسحوبين لخدمة الاحتياط بالقول: “من الصعب جداً إحصاء عدد المعتقلين أو المسحوبين للاحتياط الذين اقتادتهم قوات الأمن مؤخراً بسبب تكتم الأهالي خوفا من نشر أسمائهم”. مضيفا: “سجلنا أكثر من 35 حالة اقتياد لمراكز التجنيد من منطقة واحدة خلال 3 أيام فقط، والأرقام أعلى من ذلك بكثير”.
إلى ذلك، أساليب جديدة اتبعتها قوات الأمن مؤخراً للبحث عن المطلوبين للخدمة العسكرية، كمداهمة الأماكن العامة، كالمقاهي والمنتزهات والشوارع الرئيسية. وأكّد ناشطون من المدينة اقتحام الأمن لأربعة من المقاهي الشعبية في حي الصليبة قبل مدة أثناء متابعة إحدى مباريات الدوري الأوربي. بالإضافة إلى قيامهم بإيقاف المارّة في أماكن الازدحام الرئيسية، والسؤال عن أعمارهم والتدقيق في وثائقهم. وأشار شهود إلى قدوم عناصر الشرطة العسكرية مع ملثمين، لمنازل شباب متخلفين عن خدمة العلم، كما أشاروا إلى بعض الحالات التي قام فيها الأمن بالاتصال بذوي الشاب لمراجعة قسم الشرطة بحجة وجود شكوى عليه ليتم توجيهه إلى الشرطة العسكرية لاحقا.
ونشرت صحيفة “العربي الجديد” أرقاماً مسربة، لما قالت أنّها دفعات جديدة من المطلوبين للخدمة الإلزامية والاحتياط ضمن مدينة اللاذقية، وبلغ عددهم في الدفعة الأولى الخاصة بالخدمة الإلزامية أكثر من ألفين، بحسب المصدر، معظمهم من مواليد ما بعد 1982. أما أسماء المطلوبين للاحتياط فقد بلغ عددها أكثر من ألفين وخمسمائة، تتراوح أعمارهم ما بين 35 عاماً و45 عاماً.
حياة التخفي
وفي ظل هذه الملاحقات، يقع شباب المدينة في بئر من هموم الدراسة والعمل والتخفي عن أعين عناصر الشرطة العسكرية ومن يساندهم، ويجد الكثيرون أن السفر هو الخيار المتاح الأفضل، رغم مصاعب الغربة وغموض المصير.
أما سامر، أحد المدرسين في مدينة اللاذقية، والذي يبلغ من العمر 31 عاماً، كان قد استدعي منذ مدّة للالتحاق بالاحتياط رغم تأديته للخدمة العسكرية مسبقاً، يتحدث عن أوقات عصيبة يعيشها هذه الأيام مع أسرته، ويوضح: “أصبحتُ أنتقل للمدرسة التي أدرّس فيها سيراً على الأقدام خشية الوقوف على حاجز أمني. وريثما أتدبّر أموالاً للسفر، ليس أمامي سوى التزام منزلي وتجنب الاقتراب من الحواجز ومراكز التجمع العامة”. ويكشف سامر أنه حاول شطب اسمه من قائمة المطلوبين للاحتياط بالرشوة، الا أن الأمر لم ينجح، وعلى حد قوله “لا شيء مضمون والأمر يتطلب 200 ألف ليرة سورية، مع وجود احتمال بإعادة إدراجه من جديد”.
وأشار ناشطون من المدينة إلى أنها باتت سجنا كبيراً لشبابها المهددين بالاعتقال والاقتياد الإجباري إلى الخدمة العسكرية. وأبدى الناشطون خشيتهم من تحول المدينة إلى ما وصفوه بـ (بلد المليون أنثى)، بسبب قيام قوات النظام بتفريغ تدريجي للشبان من المدينة.
صدى الشام: حسام جبلاوي – ريف اللاذقية