يصادف اليوم ذكرى تأسيس الجيش العربي السوري “جيش النظام” حين استلمت الحكومتان السورية واللبنانية في الأول من آب عام 1946 قيادة القوات المسلحة من سلطات الاحتلال الفرنسي.. فأصبح لسوريا أخيراً جيش وطني يحمي الشعب والوطن.
إلا أن هذا الحلم الوردي لم يلبث أن تغير الى كابوس أسود عام 1963 مع انقلاب حزب البعث العربي الاشتراكي واستلامه السلطة، ومناداته بالجيش العقائدي الذي يعني أن القيم والمبادئ التي تلتزم بها القوات المسلحة في زمن السلم والحرب مستمدة من عقيدة البعث وأفكاره، وليس من مصالح الوطن والشعب.
مع انقلاب حافظ الأسد على رفاقه الحزبيين في 1970 واستلامه الحكم طرأ تغير جوهري آخر على عقيدة الجيش فتحول الى تقديس القائد وربط سوريا بمؤسساتها وجيشها بشخص “الأسد”، فانتشرت صوره وكلماته في كل القطع العسكرية كما في المؤسسات كانتشار النار في الهشيم .. صور وتماثيل “الأسد” وهو يحيي الناس بحركته المشهورة بضم اليدين وهو يصلي بخشوع ويدعو وهو يلاعب الأطفال ويستلم منهم طاقات الورد باللباس العسكري حيناً وباللباس المدني حيناً آخر حتى ترسخ في الذهن الجمعي أن سوريا وجيشها ومؤسساتها هي “حافظ الأسد”.
مع قدوم بشار للحكم في عام 2000 خلفا لأبيه تغيرت العقيدة العسكرية لتنقل القداسة من “القائد الخالد” الى أسرة “الأسد” الحاكمة، فأصبح لدى الجندي السوري ثالوث مقدس “القائد الخالد” الذي يلجأ اليه الناس عندما تفشل سياسات الحكومة ويستنهضونه من قبره بعبارة (قم يأبا الفقراء) و “بشار الأسد” الأقنوم الثاني الذي يعيش في سيرة والده وسياسته الأمنية الإجرامية.. بينما يعتبر ماهر الأقنوم الجديد الذي تنادي به الفرقة الرابعة في أحدث إصدارتها وهي تمجد فيه قبل الهجوم على درعا.
تعرض هذا الجيش لانتكاسات كبيرة منها نكبة 46 ونكسة 67 وحروبه مع الجيران في الأردن ولبنان، إلا أن أكبر تأثير تعرض له الجيش هو الثورة السورية عام 2011، حين انحاز آلاف الضباط والمجندون الشرفاء لخيارات الشعب ورفضوا عقيدة تقديس الأسرة الحاكمة فأنشقوا والتحقوا بالجيش الوطني الذي هو الوريث الشرعي للجيش العربي السوري بفكره ووطنيته ووقوفه على مسافة واحدة من جميع مكونات الشعب.
محمد الحلبي
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع