جاء إعلان البيت الأبيض إجراء محادثتين هاتفيتين بين الرئيس دونالد ترامب وكل من نظيره المصري عبد الفتاح السيسي وولي عهد الإمارات محمد بن زايد، بشأن ليبيا؛ آخر حلقات موقف غامض ومرتبك تتخذه واشنطن تجاه تصاعد الأحداث في ليبيا، وفق وصف محللين سياسيين.
وكان البيت الأبيض أعلن في بيانات له أن ترامب أكد ضرورة وقف التصعيد في ليبيا عبر وقف إطلاق النار، وعدم التصعيد؛ تمهيدا لبدء تفعيل الحوار والحلول السياسية.
وتزيد التكهنات بواشنطن أن الأوضاع تتجه للأسوأ في ليبيا، خاصة بعد تفويض البرلمان المصري الرئيس السيسي باتخاذ كل الخطوات العسكرية اللازمة لحماية الأمن القومي المصري، إضافة إلى لقاء السيسي مع قادة قبائل ليبية رحبوا فيه بتدخل عسكري مصري متوقع هناك.
وكان مصدر دبلوماسي في العاصمة الأميركية أكد للجزيرة نت أن “تزايد النشاط العسكري الروسي في شرق ليبيا، بالتنسيق مع الجانب المصري؛ أصبح مصدر إزعاج كبير للدوائر الأميركية”.
وأضاف المصدر -الذي طلب عدم ذكر اسمه- أنه “لا يمكن الفصل بين هذا الانزعاج وبين مضاعفة الجهود الأميركية الساعية لوقف الاقتتال الداخلي والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار”.
المصالح الإستراتيجية
من ناحية أخرى، أشارت دراسة حديثة لخدمة أبحاث الكونغرس عن الصراع الليبي إلى قلق واشنطن “من توافر بيئة مشجعة للجماعات الإرهابية داخل ليبيا بسبب الانقسام السياسي والعسكري بين الفرقاء الليبيين”.
ويرى رئيس مجلس العلاقات الأميركية الليبية ولفغانغ بوستزتاي أنه لا توجد مصالح إستراتيجية حيوية لدى الولايات المتحدة في ليبيا، ولذلك “فإن مشاركتها ستظل محدودة، خاصة مع قرب حلول موسم الانتخابات الرئاسية”.
وخلال حديث مع الجزيرة نت، أشار بوستزتاي إلى “أن واشنطن مهتمة في الأساس بمواجهة تمدد النفوذ الروسي المدعوم إماراتيا ومصريا في شرق ليبيا من خلال دعمها الثلاثي لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر”.خطر الانتخابات
وفي حديث مع الجزيرة نت، أكد ولفغانغ أنه “في ضوء الانتخابات الرئاسية المقبلة، فلن يجازف ترامب سياسيا أو عسكريا بشأن ليبيا”.
وفي الوقت ذاته، تقود دولة الإمارات جهودا وضغطا في واشنطن لإبراز مخاوف القاهرة من التدخل التركي في ليبيا، مشيرة إلى “وقوف دول الخليج إلى جانب مصر لتأمين حدودها مع ليبيا”.
في حين أشار ديفيد ماك السفير السابق بالخارجية في حديث مع الجزيرة نت إلى أنه من الواضح أن هناك تصميما في واشنطن على “عدم السماح للروس بجعل ليبيا سوريا أخرى”.
وأشار ماك إلى إدراك “الإدارة الأميركية قلق مصر على أمن حدودها الغربية، وتتفهم مخاوف القاهرة، إلا أنها تريد أن ترى هذه المخاوف، فضلاً عن مخاوف الدول الصديقة الأخرى، كجزء من الجهود الدولية التي تشرف عليها الأمم المتحدة للوساطة بين الأطراف الليبية”.
وترى بعض الدوائر أن الكثير من الجهود الدبلوماسية تجري خلف أبواب مغلقة من أجل منع مواجهة متوقعة بين حليفي واشنطن، تركيا ومصر، داخل الحدود الليبية.
ويرى بوستزتاي أن “واشنطن تحاول إقناع القاهرة بأن التواجد التركي داخل ليبيا يركز في الأساس على دعم حكومة طرابلس في مواجهة النفوذ الروسي، ولا يمثل تهديدا للأمن القومي المصري”.
نقلاعن الجزيرة