أعلن مجلس التعاون الخليجي الذي تهيمن عليه السعودية رسميا يوم الأربعاء حزب الله منظمة إرهابية، في خطوة تشير إلى تصعيد خطير للتوتر بين الخصمين الإقليميين السعودية وإيران.
قرار مجلس التعاون الخليجي ضد الجماعة المتحالفة مع إيران يأتي بعد أسبوعين علىإلغاء السعودية حزمة مساعدات بقيمة 4 مليار دولار لتعزيز أجهزة الأمن اللبنانية.
أتى هذا التحرك احتجاجا على هيمنة حزب الله على أجهزة الأمن اللبنانية والمؤسسات السياسية. وسرعان ما أتبعت السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى هذا التحرك بالطلب من مواطنيهم مغادرة لبنان.
الخلافات المتزايدة بين السعودية وإيران أثرت بصورة كبيرة على لبنان، حيث استطاعت كلا الدولتين حتى فترة متأخرة من كبح جماح خصومتهما الإقليمية على الرغم من التنافس بينهما. كما أن السعودية وإيران تقفان على طرفي نقيض في الحرب الأهلية في الجارة سوريا، التي أدى القتال الدائر فيها إلى حصد أرواح أكثر من 250000 شخص وشرد الملايين.
اتهم بيان قوي نشر على موقع مجلس التعاون على الإنترنت حزب الله، الحركة الشيعية الإسلامية القوية بالقيام بأعمال عدائية داخل أعضاء المجلس الستة وهم السعودية والإمارات وقطر والبحرين والكويت وعمان.
كما اتهم البيان الذي جاء نقلا عن الأمين العام لمجلس التعاون راشد الزياني، الجماعة بتجنيد عناصر وشن هجمات إرهابية إضافة إلى تهريب السلاح والمتفجرات، “في خرق واضح لسيادة وأمن واستقرار أعضاء المجلس”.
جميع قيادات حزب الله والفصائل المنضوية تحته تندرج تحت توصيف الإرهاب، كما جاء في البيان، الذي حمل الحزب المسئولية عن الإرهاب والتحريض في اليمن والعراق.
ولكن لم يكن هناك أي رد مباشر من حزب الله على ذلك لحد الآن.
السعودية والدول المتحالفة معها قطعت العلاقات مع حزب الله المدعوم إيرانيا في يناير. وجاءت هذه التداعيات بعد أن اقتحمت حشود غاضبة البعثة الدبلوماسية السعودية في إيران احتجاجا على إعدام السعودية لرجل دين شيعي بارز متهم بارتكاب جرائم ضد الدولة.
تتزاحم كل من إيران والسعودية منذ سنوات على بسط النفوذ في المنطقة.
الخصومة بينهما زادت من حدة التوتر بين السنة والشيعة في العالم، وغذت الصراعات المدمرة فيما هو خارج سوريا. في اليمن، تدخل الحالف العسكري الذي تقوده السعودية بقوات برية وجوية العام الماضي ضد المتمردين الذين تدعمهم إيران.
جاء إعلان يوم الأربعاء بعد خطاب مستفز قبل يوم على ذلك ألقاه الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، أدان فيه السعودية ودورها في المنطقة وقرارها الأخير بوقف المساعدات العسكرية إلى لبنان.
قرار وقف المساعدات وتحركات سعودية أخرى تشير، كما ذكر نصرالله، إلى “أننا دخلنا في مرحلة جديدة من الصراع السياسي والإعلامي الذي صعدته السعودية”.
ولكن زعيم حزب الله امتنع عن الدعوة إلى المواجهة، قائلا أنه لن يكون هناك عودة إلى قتال الشوارع العنيف الذي اندلع عام 2008. في موجة الاضطرابات تلك خاض حزب الله والقوى السياسية التي تدعمها السعودية قتالا وصفه اللبنانيون بأنه حرب أهلية مصغرة.
خاضت لبنان حربا أهلية استمرت 15 عاما انتهت عام 1990.
المسلحون التابعون لإيران وحزب الله يقاتلون داخل سوريا من أجل دعم موقف الرئيس بشار الأسد ضد التمرد الذي يحصل على الدعم المادي والأسلحة من السعودية ودول أخرى.
تدخل حزب الله في سوريا من جانب واحد، مما أثار غضب الكثير من اللبنانيين، الذين قالوا إن هذا التحرك جر لبنان إلى عمق الصراع.
على الرغم من هذا الاحتكاك، استطاعت البلاد تحمل هذه الضغوط الهائلة.
أكثر من مليون سوري دخلوا البلاد كلاجئين في هذه الدولة الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليون نسمة. منعت المواجهة داخل الحكومة – بسبب الاختلافات بين الفرقاء حيال الحرب الأهلية السورية- السياسيين من انتخاب رئيس للبلاد لأكثر من عامين ووضعت الخدمات في البلاد في وضع حرج مثل أزمة جمع القمامة في العاصمة.
ولكن زيادة حالة التوتر الأخيرة في العلاقات مع السعودية تهدد بمزيد من الاضطرابات.
خلال نهاية الأسبوع، خرج مؤيدو حزب الله في مظاهرات غاضبة بعد أن بثت قناة فضائية مملوكة لأشخاص سعوديين مقطعا ساخرا عن نصرالله. حيث صور المقطع نصرالله بأنه أداة في يد إيران، الأمر الذي أدى إلى خروج مظاهرات أغلق فيها الناس الطرق وأشعلوا الإطارات.
تعرض حزب الله لضغوط واستنكارات كبيرة لعقود من قبل الولايات المتحدة وحلفائها بسبب حملات الحزب المناهضة لإسرائيل، التي تشمل إطلاق الصواريخ عبر الحدود. تواجه حزب الله وإسرائيل في حرب دامية عام 2006، ولكن القوات الإسرائيلية فشلت في طرد مقاتلي الحزب من قواعدهم جنوب لبنان.
مركز الشرق العربي