بعد أن أمضى ستة أشهر في تركيا، قرر محمد العمري العودة إلى مدينته دير الزور (شرق سوريا) ومبايعة تنظيم الدولة الإسلامية.
لكن البيعة ليست هدفا في حد ذاتها، لكنها وسيلة للحصول على عمل، حيث يستقطب التنظيم السوريين الذين لم يحصلوا على عمل في تركيا، ويرغبون في العودة لبلدهم والحصول على وظائف يكسبون منها قوت يومهم.
العمري -الذي قال إن عليه أن يختار بين السيئ والأسوأ- قرر الالتحاق بدورة شرعية ينظمها التنظيم لمدة شهر قبل تعيينه معلما في مدرسة مقابل أجر شهري لا يتجاوز مئة دولار.
ويقول مسؤول بمكتب رزق لتشغيل اللاجئين السوريين في ولاية أورفا التركية إن حالة العمري ليست استثناء بين الشباب السوري.
وتحدث مدير مكتب التشغيل عن صعوبة حصول السوريين على فرص عمل في تركيا. وقال إن عدد المسجلين لديه تجاوز 14 ألف سوري، تم التحاق 1430 منهم فقط بسوق العمل.
ويضيف أن هذا الواقع اضطر الكثير من السوريين للعودة إلى بلادهم بعد أن سدت أبواب العمل أمامهم، “ولم يستطيعوا تحقيق الاستقرار”.
وحسب تقديره، فإن هذا الأمر يحمل الكثير من السلبيات، خاصة أن أغلب هؤلاء سيضطرون للقبول بأي عمل يعرض عليهم من أجل تأمين قوتهم، “حتى وإن كان الأمر يتطلب مبايعة تنظيم الدولة”.
المبايعة والدورة الشرعية في سبيل الحصول على عمل من أخطر الأمور التي يغفل عنها المهتمون بتأثير الحرب السورية على العقلية المجتمعية والتركيبة السكانية، بحسب ما يراه الناشط الإعلامي محمد الفراتي.
الفراتي وصف هذه الدورات بأنها عملية “غسيل دماغ”، وبيّن في حديث للجزيرة نت أن دورات تنظيم الدولة لم تقتصر على المدرسين، بل شملت كافة العاملين في القطاعات الخدمية، كالبلديات والنظافة، والاتصالات، والصحة.
وقال إن عدد الملتحقين بهذه الدورات من العاملين في الكادر التدريسي وحده يقدر بالمئات، وأشار إلى أن الملتحقين بهذه الدورات تأثروا بها وباتوا يميلون بشكل واضح إلى تبني أفكار تنظيم الدولة.
أما خريج علوم الحاسوب الشاب إبراهيم فمضى إلى عمله في قطاع الاتصالات بمدينة الرقة نحو ثلاثة أشهر، وذلك بعد أن فشل في الحصول على عمل في تركيا بعد المكوث بها نحو عام.
ونوه في حديث للجزيرة نت إلى أنه رفض هذا العمل في بداية سيطرة تنظيم الدولة على الرقة، لكنه اضطر مؤخرا إلى العدول عن قراره، كونه يعول أسرته.
ويقول مدرس -طلب عدم ذكر اسمه- إنه سيغادر أورفا الأسبوع القادم ويعود لسوريا لمبايعة تنظيم الدولة من أجل الحصول على عمل، رغم أنه صوفي، مما قد يجعل حياته في خطر لو علم التنظيم ذلك.
مصدر مقرب من تنظيم الدولة في دير الزور أكد للجزيرة نت أن أعداد الملتحقين بالدورات الشرعية من أجل الحصول على العمل ازداد بشكل كبير في الأشهر الأخيرة.
ونوه إلى أن هذه الدورات تقام بشكل دوري، ورفض وصفها بأنها عملية “غسيل أدمغة” لأن الهدف منها هو “توضيح الحقائق وإعادة الناس إلى دينهم، ولها تأثيرات إيجابية، وقدرة على تغيير العقول والأنفس والأفكار”.
وأوضح أن دورات التنظيم تتجاوز التدريب على حمل السلاح إلى “العاملين في التعليم، وكافة الموظفين والعمال، وفي جميع أراضي الدولة الإسلامية”.
المصدر : الجزيرة