تشهد الكويت حراكا دبلوماسيا عاليا في إطار جهود الوساطة التى تقوم بها لحل الأزمة الخليجيةالراهنة، والجهود التى يبذلها أميرها، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، لرأب الصدع الخليجي.
ويحط وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، الرحال في الكويت، الإثنين، لبحث تطورات الخلاف الخليجي وسبل احتوائه، ليكون رابع مسؤول دولي يصل إلى البلاد للغرض ذاته في أقل من أسبوع، وتحديدا منذ الأربعاء الماضي، بعد وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل، ونائب أمين عام الأمم المتحدة جيفري فيلتمان، ووزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون.
وبدأت الأزمة الخليجية في 5 يونيو/ حزيران المنصرم، حين قطعت كل من السعودية ومصر والإمارات والبحرين، علاقاتها مع قطر، بدعوى “دعمها للإرهاب”، وهو ما نفته الدوحة، معتبرةً أنها تواجه “حملة افتراءات وأكاذيب”.
وفي 22 من الشهر ذاته، قدمت الدول الأربعة إلى قطر- عبر الكويت- قائمة تضم 13 مطلبًا لإعادة العلاقات مع الدوحة، من بينها إغلاق قناة “الجزيرة”، فيما اعتبرت الدوحة المطالب “ليست واقعية ولا متوازنة وغير منطقية وغير قابلة للتنفيذ”.
وفي هذا الإطار، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، عايد المناع، أن “الوساطة الكويتية لعبت في بداية الأزمة دور المهدئ، لكنها تحتاج لأن تُعطَى فرصة أكبر من حيث المدى الزمني ومن حيث التخويل السياسي”.
وقال للأناضول، إن “الدعم الدولي للوساطة الكويتية يعطيها زخما أكبر، فهي تكتسب ثقة جميع الأطراف الذين يؤكدون دائما على أهميتها، وهي المؤهلة فعليا، ودخل سمو الأمير في حل الأزمة السابقة بين قطر من جهة وعدد من الدول الخليجية وبالفعل تم حلها وأعيد السفراء إلى مواقعهم”.
وأوضح المناع، أنه “ينبغي على الأطراف أن تعرض متطلباتها، ويُترَك للوسيط أن يلعب على هذه المتطلبات بأن يصيغ الأقرب إلى التنفيذ ثم مايليه”.
من جهته، قال أستاذ الإعلام في جامعة الكويت، أحمد الشريف، للأناضول، إن “جهود أمير الكويت حظيت بإشادة دولية واسعة وأعرب قادة ومسؤولون دوليون عن دعمهم لجهوده المخلصة من أجل حل الأزمة الخليجية”.
وأضاف أن “جميع الأطراف الإقليمية والدولية، وأهمها تركيا وألمانيا وبريطانيا وروسيا والولايات المتحدة، أيدت المساعي الكويتية في جهود الوساطة لحل هذه الأزمة”.
وأشار الشريف، إلى أن طرفي الأزمة، وبعد كل التطورات خلال شهر من عمرها، ما زالا يعولان على الوساطة الكويتية، وجميع التصريحات والبيانات التي صدرت من قطر من جهة، ومن الدول الأربعة من جهة ثانية، ما زالت تؤكد على أهمية الوساطة الكويتية والثقة فيها.
ولفت إلى أن كل ذلك، يمثل عوامل مهمة لمواصلة المساعي الكويتية، على أمل تحقيق اختراق لجدار الأزمة القائمة حاليا.
وأكد الشريف، أن “الكويت هي الطرف المؤهل للقيام بهذا الدور؛ حيث تقف الكويت دومًا على الحياد في الأزمات والخلافات السياسية التي تظهر بين دول الخليج العربية”.
واستدل على ذلك بقول أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح: “صعب علينا، نحن الجيل الذين بنينا مجلس التعاون الخليجي قبل 37 عامًا، أن نرى بين أعضائه تلك الخلافات والتي قد تؤدي إلى مالا تُحمد عقباه”.
وتابع “أنا شخصيًّا عايشت اللبنة الأولى لبناء هذا المجلس منذ نحو أربعة عقود ولذا ليس سهلًا على من هو مثلي عندما يكون حاكمًا أن يقف صامتًا دون أن يفعل كل ما باستطاعته للتقريب بين الأشقاء وهذا واجب لا أستطيع التخلي عنه”.
وأضاف أن “كل المعطيات تؤكد استمرار المساعي الكويتية لحل الأزمة، لكن رغم كل الحاصل حاليا، فإن أية وساطة تحتاج إلى وقت وتخفيف الاندفاعة من الجميع وكذلك تخفيف حدة التراشق الإعلامي القائم”.
بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، شفيق الغبرا، للأناضول، إن “الكويت تؤيد بطبيعة تجربتها وعمقها الديمقراطي العلاقات الديمقراطية بين الدول المكونة لمجلس التعاون”.
وأضاف أن “تحرك أمير الكويت أشعرني وغيري بالكثير من الارتياح ولو لم تكن هناك مبادرة كويتية لكان الوضع أسوأ خاصة في الأيام الأولى”.
واعتبر الغبرا، أن “هذه الأزمة ما كان يجب أن تكون، الدول الأربعة تسرعت، كان بإمكانها عقلنة الخلاف، استعملت كل ما تستطيع″.
ورأى أن “الولايات المتحدة متخبطة وهناك تناقض فيها بين المؤسسات والرئيس، ربما وصلت إلى نتيجة أنه يجب وضع حد للأزمة، لكن الحدود لن تأتي من الأمريكيين، بل من العالم كله”.
وتابع الغبرا: “الروس غير مرتاحين ولا الأتراك، ولا ألمانيا ولا بريطانيا، هناك خوف، لأن هناك مصالح كبرى لدول العالم في هذه البقعة، وأي تحرك فيها ينعكس على العالم وليس على دول المنطقة فقط”.
وقال أستاذ العلوم السياسية: “نحن أمام وضع مرتبك جاء من خلال مطالب في جلها لم تكن مدروسة، والأزمة ككل لم تكن عقلانية، وأعتقد أن الولايات المتحدة لديها هموم كثيرة، والغرب كذلك، ولا تريد إشعال هذه المنطقة”.
ورأى أن “حل الأزمة يتطلب أن يعتاد الخليج على الفردية القطرية، كما اعتاد على الفردية العمانية، وكذلك الكويتية والإماراتية”.
وقبل ساعات من بدء مجموعة الزيارات الدولية الأخيرة للكويت دعما لوساطتها كان اجتماع لوزراء خارجية الدول الأربعة المقاطعة لقطر، وهي السعودية والإمارات والبحرين ومصر، بالقاهرة، الأربعاء الماضي، أفضى، إلى تحذيرات للدوحة في بيان مشترك، دون تبني خطوات تصعيدية جديدة واضحة ضدها، وإعلان تلك الدول أنها تأسف “للرد السلبي” لقطر على المطالب التي قدمت إليها.
ومساء الخميس، صدر بيان ثان من جدة (من الدولة الأربعة)، يؤكد على المعاني ذاتها، فيما ردت الدوحة، الجمعة الماضي، فأعربت عن أسفها لما تضمنه بيانا دول المقاطعة الأربعة، وما ورد فيهما من “تهم باطلة، تمثل تشهيراً يتنافى مع الأسس المستقرة للعلاقات بين الدول”.
ولم تفض الوساطة الكويتية والضغوط الدولية إلى اختراق حقيقي في الأزمة حتى الساعة.
صدى الشام