كاتب ومفكر سوري كتب في الصحف العربية، وله عدة محاضرات حول بناء الدول، والعقد الاجتماعي، عضو اتحاد الكتاب العرب، قبل أن يستقيل منه حيث اختار الكاتب الوقوف مع الثورات العربية، صدر له ما يقارب العشر روايات.
حياته:
ولد في كفرنبل بريف إدلب 1946درس فيها وتخرج من معهد إعداد المدرسين في حلب، ثم درس الفلسفة في جامعة حلب أيضا، عمل مدرّسا للمادة التي أحبها وبرع فيها.
الوفاة :
توفي في مثل هذا اليوم تماماً، قبل عامين، في قرية اسقاط في سلقين نازحاً بعيدا عن جبل شحشحبو قرب كفرنبل الذي أحبه،بعد إصابته بمرض عضال، رثاه الكثير من الشعراء السوريين والعرب، وكان منها، قصائد صديقه الشاعر عبد الرحمن الإبراهيم” عروق التين، التلاميذ الكبار”.
محاولات تهميشه من قبل النظام السوري:
من يوم صدرت أول رواية له، عن دار كرزون، رواية “بغل الطاحون”، وضعت بجانبه العديد من النقاط الحمراء، لتلميحاته السياسية في الرواية، وبعد أن وقع إعلان دمشق جهاراً ضيق النظام عليه فمنع كثيرا من المحاضرات، نظرا لما تحمله كتاباته من أفكار تحث على ردع المظالم والطغاة.
ضمّان البطيخ:
لم يكن باحثا عن شهرة، بقدر ما كان يبحث عن النقاء والصفاء الذهني، عرفه أهالي كفرنبل وجبل شحشبو ب”ضمّان البطيخ” حيث عمل فترة في زراعة البطيخ الأصفر.
وعرفه الوسط الثقافي بالقامة النزقة، الذي لا يخاف ولا يهاب أحد، يتكلم ويكتب ما يراه الحقيقة و الصواب دون مجملة أحد.
أعماله الأدبيّة:
له عدة محاضرات كان آخرها في محفل ثوري عام 2014تحت عنوان “نقد العمل وبناء الدول” وله” كيف نفكّر، نظرية العبيد، “الأمم التي ليس لها تاريخ” وأخرى.
كما صدر عدة روايات مطبوعة منها: “اللقلق” و”عائلة حاج مبارك”، التي فازت بجائزة “نجيب محفوظ” ورواية “الجوخي”، و”بغل الطاحون”، ورواية “جبّ الرمان” و” بنت الشنفراني” أيضاَ من رواياته، و” مسمار السماء” كاهن دورا”و التي فازت بجائزة “مجلة دبي الثقافية”، إضافة إلى رواية “جرجرة” وروايات غير مطبوعة.
قراءة في رواية جرجرة:
الموسى الذي عمل مدرّساً للفلسفة، في الجزائر، قبل أن يحرمه النظام السوري من أغلب حقوقه الفكرية والمدنية، عقب توقيعه على وثيقة إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي عام 2005.
بقي للجزائر ما بقي في نفسه، فكتب قبل رواية “جرجرة”، التي تعتبر تلخيص لآرائه في البنية الفكرية للمجتمعات العربية، وأضاف إليها مجوعة آراء في القضايا السياسيّة.
يقول في مستهلّ روايته
“هناك أوصاب لا حصر لها تعيش معنا، ولا نعرف أو لا نعترف بل نُسمّك عليها الحيطان، ونردمها بالتراب ونعززها بحكم وأمثال وأشعار، وأحاديث نبويّة إذا لزم الأمر، طبعاً هناك أحاديث مفصّلة على الطلب…….لدينا معامل شغّالة في داخلنا، تنتج لنا أوهاماً نحبها، وذرائع مزوّرة، ووقت الحاجة تحفظ لنا توازننا المختل”. ص16 من الرواية
وكما تقدم الرواية كمّاً من المعلومات، وتنقل القارئ ليعيش في سلسلة جبال جرجرة، في الجزائر، وكأنه “الإدريسي” محاولا رسم أولى خرائطه، من على متن طائرة متجهة من الشام إلى الجزائر، يسرد لنا الكاتب أحداث الرواية التي حملت اسم السلسلة الجبليّة.
ربما هذه المسافة التي قطعها الكاتب من المشرق إلى المغرب، هي التي جعلته يعرّج على حال الحكام والبلدان العربية، والأوهام التي نرضعها لنعيش على فتات الحلم، فالكاتب فعلاً تنقل في عدة بلدان عربية، ويعرف، حيث رأى أن هذا المواطن العربي الشرقي، هو نفسه نسخ متعددة في بلدان متعددة، حيث العقلية الواحدة، والفكر الواحد والمستبدّ الواحد .
“كثيرون سبقونا لسنا وحدنا على كلّ حال، وأتمنى أن لا نكون وحدنا نسمع الحداء، يحدون ويعلّون الأسوار!ّ
الوحدة العربية ،التضامن العربي ،من كلّ صوبٍ يحدون ويتضامنون مع فيروز، وطرفة بن العبد وهو يحدو لناقته، ويعلون الأسوار فيما بينهم، ويعلنون حربهم على مستقبل هذه الأمّة، وعلى العقل والكرامة ،ويحدون ومنذ قرون لا نرى غير العجاج!
ماذا بأيدينا غير الحرون!”ص61.
الرواية عمل فنّي متكامل، يغوص في أعماق النفس البشرية، ليطّلع كل قارئ على ما لم تستطع عينه أن تراه، في زوايا نفسه، ويقول عن كل قارئ ما عجز عن قوله، ففي كل صفحة من صفحات الرواية، تجد نظرية أو قول فلسفي خالص، وهذه النظرية وذاك القول ليس مجرداً عجراً كما تجده في كتب الفلسفة، إنما مضمّن بظرف جغرافي وصفي أو حوار بين أبطال الرواية.
الكاتب يعتمد على تقنيات السرد، ليبثّ في روايته آرائه في البلدان والمجتمعات والنفوس البشرية والمرأة، فترى خلاصة من خلاصات نظرياته الاجتماعية كأن يفنّد مقولة تاريخية موروثة ولكنها ـ هذه المقولة ـ تقع ضمن نسبية الخطأ والصواب، وليس في مضمار الصواب الحتمي فيقول:
“الصبر طيب في هذه الحالات، وفي حالات العالم الثالث الصبر من شيمنا، نحضّ عليه ونمنحه قيمة إكبار نعلقها بين الأرض والسماء، ونكتبها بخط الثلث فوق رؤوسنا كتميمة استفاد منها التاريخ والحكّام كثيرا” ص59
“وقت لا نجد ما ننوح عليه، ندّق وتداً في الأرض ندور حوله وننوح ،تحفر دموعنا أنفاقاً تحت الأرض وفوقها ،ونصيح للسوّاح ليتفرجوا على ملوحة دموعنا”
“كلّما غلّفنا تصرفاتنا بالدين فهذا يعني أننا نريد شيئاً آخر وعندما نحتاج للانفعال ننفعل فرقاً وطوائف وأحزاباً دفعة واحدة مثل القطعان الأولى ” ص 174
الكاتب يصف الأرض الطريق الجبل والسفح والوادي والشخصيات، بطريقة أخّاذة، وينهي روايته بعد رحلة شاقة ومتعبة، بأن يستيقظ وهو ما زال على متن الطائرة، التي تنتظر طائرة المسؤول الفلسطيني أن تقلع، ولها أسباب تأخرها، فتشعر بمتعة الوصف ولا تضيع بتفاصيله، لما يقدمه الكاتب من روابط تاريخية ونفسية بين جغرافية الموصوف وتاريخه ونفسه.
https://www.facebook.com/syrianpresscenter/videos/759196891867664
الرواية من القطع المتوسط حوالي 200 صفحة صدرت 2011 عن سلسلةالرواية في اتحاد الكتّاب العرب .
أدبيات // عادل الأحمد