
“إن تحدثنا وصرخنا ناصبونا العداء وإن سكتنا قتلونا جوعاً وضاعت الثورة”, هذا ما قاله لاجئ سوري مشرد في بلاد الغربة, قيل له أن نشر هذا الغسيل قد يُفيد إعلام النظام ويتشفون بالثورة, فأجاب: خرجنا ضد أعتى قوة ظالمة, رافضين السكوت على ضيم ولن نسكت بعد الآن.
وتبدأ الحكاية …
نتحدث وقرابة الأربعة أعوام اكتملت ومرت على ثورة العزة والكرامة التي أطلقها الشعب السوري في وجه نظام قاتل دمر البلاد والعباد واستباح أعراضهم, وعندما تمردوا حاربهم بأرواحهم وقوت أطفالهم, وللمحافظة على (كرسي السلطة), هجر أكثر من ستة ملايين سوري وقتل ما يفوق النصف مليون شهيد, وضعف هذا الرقم من الجرحى والإصابات المزمنة, ومع شدة قسوة هذا الواقع لم يصب الشعب السوري باليأس ولم تفتر عزيمته, ومازال على استعداد للاستمرار بالعطاء والتضحية في سبيل إنجاح ثورته وإسقاط (الأسد).
تأمل السوريون وبكافة شرائحهم من مدنيين وثوار وعسكريين, أن ينصفهم من قالوا أنهم قادة ثورة من خلال تأمين متطلبات صمودهم وعيشهم وقتالهم, لكنهم لم يكونوا أبداً موضع الثقة التي مُنحت لهم, بل إن معظمهم كان خنجراً مسموماً طعن حاضنة الثورة وحراكها المسلح وحاربوا مقومات نجاحها وراهنوا على وعود الخارج وأهملوا أهل الثورة, فمن ترك البلاد والديار وعبر الحدود, تأمل منهم خيراً, معتقداً أن شغلهم الشاغل سيكون تأمين حمايتهم ورعايتهم والسهر على تلبية مطالبهم, لكن الجميع, من حكومة إلى ائتلاف إلى كافة مؤسسات المعارضة خذلوا حاضنتهم الشعبية, وجعلوا من المنشقين عمال محلات تجارية في شوارع استانبول وعمان, وقاطفي بساتين البرتقال في لواء اسكندرون ومرسين, وعمال مزارع في أنطاكيا, وخدماً لمحطات الوقود في بلاد النزوح, وبائعي أرصفة في مدن التشرد, على الرغم من أن كافة المنشقين من (مهندسين وأطباء ومعلمين وأساتذة جامعات وقضاة ومحامين وضباط وعسكريين) اعتبروا انشقاقهم واجباً عليهم اتجاه شعبهم وليس منة تحسب لهم, وقدموا انشقاقهم كرسالة اعتذار للشعب السوري عن فترة خدماتهم مع نظام الفاسد.
أمام هذا الواقع المأساوي والوضع المتردي لحال معظم السوريين أصبح لزاماً إعلان ( ثورة على الثورة), ثورة تعيد ترتيب أوراق البيت الداخلي وتعيد القطار لمساره الصحيح, ثورة على كل من أصبح جلاداً أكثر من جلادي عصابة الأسد, ثورة ضد شبيحة فاقوا بتشبيحهم ما فعلته عصابات النظام, ثورة ضد كل المتسلقين الذين امتطوا الثورة ليسرقوها ويتنعموا بمقدراتها, وما حدث مؤخراً من اعتصام وإضراب عن الطعام في مخيمات النزوح هو أول الغيث في هذا الطريق.
حتى أن هؤلاء الذين سرقوا شعبهم وتاجروا بقضيته وخذلوا أهلهم, ليتهم أفلحوا في مناصبهم, فكانوا أسوأ معارضة لأعظم ثورة, معارضة كان ومازال جل اهتمامها الصراع على المكاسب والمناصب والتناحر على المقاعد والامتيازات, معارضة ما زال همها ينحصر بعدد نجوم الفنادق التي ستحجز لهم, ونوعية المأكولات التي ستقدم, وكمية الأموال التي ستوضع في نهاية المطاف في حساباتهم وإلى أين وصلت أرقام أرصدتهم المالية في البنوك الغربية.
أنتم القادمون من منتجعات هاييتي ومونتريال ومن فيلات لندن وباريس وبرلين وبلاد العم سام: ماذا قدمتم للثورة وأين كان نضالكم وما هو تاريخكم؟؟
ماذا قدمتم مقابل الطبيب و المهندس وأمام الضابط والمقاتل وأمام المزارع وأي مواطن سوري ترك خلفه كل ما يملك لينصر ثورته, ماذا قدمتم أمام من قدموا أرواحهم وفقدوا أبنائهم وفلذات أكبادهم وأزواجهم وأهلهم ؟؟
يقولون: البيض الفاسد هو من يعلو سطح الماء, فلا تفرحوا بمناصبكم فالطريق ما زال طويلاً, وبوابات سوريا الحرة سيكون عليها أبطالٌ ميامين, يستقبلون بالريحان والورود كل من ناصرهم ووقف إلى جانبهم, أما من خذلهم وخان أمانتهم فلهم موضع ترحيب خاص واستقبال مميز لا يشتهيه كل حر ولا نتمناه لأي محب … وفهمكم كفاية.
العميد الركن أحمد رحال