بعد مرور تسعة أعوام على بدء الثورة السورية، وضمن مراحل كثيرة من الأحداث الضخمة المتعاقبة على مر السنين الفائتة، وحتى الآن كيف نستطيع أن نقيم الإعلام الثوري ودوره في مواكبة مسار الثورة بكل تفاصيلها الإنسانية والمدنية والسياسية والعسكرية والاجتماعية.
وهنا نتحدث نوعين من الإعلام المباشر:
النوع الأول: هو إعلام مستقل يقوم به نشطاء ثوريين هواة أو متخصصين في مجال الإعلام الثوري، ونقل وتوصيف الخبر والأحداث مستفيدين من الفضاء المفتوح لمواقع ووسائل التواصل الاجتماعي.
النوع الثاني: هو إعلام غير مستقل مرتبط بجهات إعلامية رسمية، مثل القنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية والتي تكون أو تدعي أنها مناصرة للثورة أو تدعي بأنها تنقل الأخبار والأحداث بحيادية.
حقيقة للأسف أن الإعلام الثوري بمعظمه كان له دور سلبي كبير ومازال على مجريات الثورة وأهدافها بإسقاط النظام والحرية والكرامة والعدالة.
فالتفرقة والتنافس والصراعات الداخلية بين المكونات الثورية وخاصة العسكرية كما كانت سبباً أساسياً لما وصلت إليه الأمور من ضعف الثورة وتراجعها، ألقت بظلالها وعبثيتها على معظم النشاط الإعلامي (الغير رسمي) واستخدمت هذا النوع من الإعلام بشكل كبير في خدمة مصالحها وايدولوجياتها المختلفة، مثل اللقاءات الإعلامية مع قاداتها وتسليط الضوء على تنظيماتها ومجموعاتها.
وأيضا تبعية الإعلام الرسمي الخارجي من قنوات ومواقع إعلامية للدول أو الداعمين أو حتى ايدولوجيات وأهداف خاصة أيضا ألقى بظلاله على العمل الإعلامي الرسمي فمثلا تغيير وصف الثورة والحراك الثوري الداخلي الى تعبير(معارضة).
وضمن الخلافات والصراعات الكبيرة بين الدول (التي تنشط في الداخل السوري بمختلف المجالات) يتم استخدام الإعلام والناشطين ضمن هذا الصراع من خلال وسائلها الإعلامية, فمثلا أحداث الاعتصام والمظاهرات التي حدثت في طريق m4 يتم نقلها من خلال الإعلام بما يناسب هذه الوسائل التابعة لسياسات دولها, أو داعميها, وليس بما يناسب المصلحة العامة للثورة والمدنيين أو بحيادية مهنية.
ومثلا التدخل التركي العسكري الأخير ودوره في مواجهة روسيا والنظام والميليشيات أيضاً, تم التعامل معه إعلامياً من خلال هذه الوسائل الإعلامية وإظهاره بما يناسب سياستها.
حتى أن الكثير من الناشطين الإعلاميين والسياسيين خارج سوريا، ولهم تأثير أعلامي تعاملوا مع التدخل العسكري للجيش التركي في مواجهة الميليشيات ومن ثم الاتفاق التركي الروسي بما يناسب الدول المقيمين فيها, أو الداعمة لهم, أو حسب ايدولوجيات بعيدا عن مصلحة الثورة والمدنيين أو الحيادية.
فالإعلام هو لطالما كان السلاح الأقوى مع أو ضد الثورة, وخاصة في المرحلة المفصلية الحالية, وما يرافقها من غموض وحساسية، فعمليه إعادة هيكلة الثورة كما تهدف الكثير من الفعاليات الثورية يجب أن تبدأ بالإعلام، من خلال إيجاد إعلام ثوري حقيقي موحد قادر على إظهار الوقائع والأحداث بشكل حقيقي يتوافق مع أهداف الثورة، بعيداً عن التسيس والتبعية لأي جهة.
المركز الصحفي السوري/ حسان رحال