مار أغناطيوس إفرام الثاني، بطريرك إنطاكيا وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم، نشرت صحيفة “إندبندنت” البريطانية مقالاً للصحافي الشهير روبرت فيسك، رأى فيه أنّ محاولة الإغتيال هذه “تعيد إحياء مجازر من الماضي”.
وقال فيسك إنّ أشباح المجازر التي ارتكبت في الماضي تُلاحق الحرب السورية، بدءًا من الإسلاميين الذين بعثروا عظام ضحايا الإبادة الأرمنية في الكنيسة الأرمنية الكبرى في دير الزور وصولاً إلى محاولة إغتيال البطريرك مار أغناطيوس إفرام الثاني مؤخرًا.
ولفت إلى أنّ ثلاثة من مرافقي البطريرك قُتلوا جرّاء تفجير إنتحاري إستهدفهم في مدينة القامشلي جنوب شرق سوريا في أثناء إحياء ذكرى مجازر الآشوريين والسريان التي حدثت عام 1915 إبّان الحرب العالمية الأولى. معتبراً أن “الهدف كان واضحًا، الكنيسة السريانية الأورثوذكسية لكنّ الحراس حموا رأس الكنيسة، ما أدّى إلى مقتل 3 وإصابة 5 آخرين”.
وأضاف: “منذ اندلاع الحرب السورية عام 2011، بدأ المسيحيون بالفرار من سوريا إلى تركيا عبر القامشلي بالرغم من جهود الكنيسة لإقناعهم بالبقاء”. ولفت إلى أنّ “البطريرك مار أغناطيوس إفرام الثالث، ولد في القامشلي لكنه تلقى تعليمه في لبنان وسوريا ومصر وإيرلندا”. وقال فيسك: “يجب أن يكون البطريرك قد تذكّر مصير شمعون الحادي والعشرون بنيامين الذي كان بطريرك كنيسة المشرق الآشورية عام 1918 حين اغتيل في إيران من قبل زعيم كردي يدعى سيمكو شيكاك، وقتل معه حينها 150 من حراسه”. وأضاف: “في نفس العام، قُتلَ آلاف الآشوريين، عندما قامت عشائر كردية بتحريض من العثمانيين بالهجوم على قرى آشورية، منها أروميا. وبعد أقل من عقدين، ارتكبَ الجيش العراقي مجزرة بـ6 آلاف آشوري، معظمهم قتلوا في زاخو ودهوك قرب الحدود التركية”.
وتابع فيسك استعادة محطات من التاريخ، قائلاً: “شجّع البريطانيون الآشوريين للإنضمام إلى الإمبراطورية بعد احتلال العراق في نهاية الحرب العالمية الأولى. كما شجّع الفرنسيون العلويين للإنضمام إلى فرق فرنسية في سوريا. إلا أنّ مسلمي سوريا السنّة لم يثقوا في مجموعة علوية ممولة من فرنسا، فالأكراد والعرب العراقيين رفضوا القوات الآشورية التي كانت تتمتع بحماية البريطانيين. عندما جاء جيش عراقي آخر للاحتفال بالإنتصار على الآشوريين في الموصل عام 1933، زيّن المسلمون أقواس النصر بالبطيخ المشكوك بالسكاكين كرمز لمصير الآشوريين. و”داعش” يوافق على هذا الأمر بالطبع”.
وأشار فيسك إلى أنّ المؤرخين لم يصلوا إلى نتيجة نهائية حول ما إذا كان يمكن تعريف المذبحة التي حصلت بحق الآشوريين – وكان بين الضحايا أرمن- خلال الأعوام الممتدة بين 1915 و 1918 على أنها “إبادة جماعية”. ولفت إلى أنّ “طلعت باشا وزير الداخلية وأحد القادة البارزين في الدولة العثمانية كان سعيدًا لرؤية التصفية الآشورية، لكن هناك شكوك حول كيفية تنظيم الإعدامات”.
وتساءل فيسك: “إذًا من كان الإنتحاري الذي هاجم المنيسة السريانية في القامشلي الأحد الماضي؟”، وقال: “من غير المرجح أن يكون من الأكراد لأنّهم الآن حلفاء للمسيحيين بمواجهة الإسلاميين. كذلك فليس للنظام السوري مصلحة بقتل مواطنين مسيحيين مخلصين قضوا معظم حياتهم تحت حماية الجيش السوري. والأتراك لديهم حرب مع الأكراد أكثر رعبا لهم من القلق بشأن الناجين من المجازر العثمانية. إذًا من المرجّح أن يكون المُهاجم الإنتحاري “إسلامي” إمّا من جبهة النصرة التي دمرت العظام الأرمنية في دير الزور وفجّرت الكنيسة الأرمنية أو من تنظيم الدولة الإسلامية”.
وختمَ فيسك مشيرًا إلى أنّ القامشلي مدينة صغيرة بقيت تحت سيطرة النظام السوري بالرغم من الحرب المستعرة، وقال: “إذا كان أمرُ إستهداف النصرة أو داعش للقامشلي صحيحًا فإنّ الجيش السوري، حزب الله، القوات الجوية الأميركية، الحرس الثوري الإيراني، سلاح الجو الملكي البريطاني، الحكومة الروسية، الأردنيون، العراقيون، الفرنسيون والبلجيكيون، باراك أوباما ودونالد ترامب، يضربون مجددًا لكن من دون نجاح يُذكر”.
مركز الشرق العربي