عادت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية في تقرير جديد بعنوان “كيف سمحت الأمم المتحدة لنظام الأسد بتعديل الحقيقة في الحرب السورية؟”، لتسلط الضوء على تعاون المنظمة الدولية من أجل رسم صورة أكثر إيجابية للنظام السوري.
يقول كاتب التقرير روي غوتمان إن الإحصاءات الصارخة في ملخص الأمم المتحدة السنوي لبرامج الإغاثة التابعة للمنظمة تحكي قصة الكابوس الإنساني في سوريا، التي أصبحت دولة تعيش على الدعم.
وأضاف أن نحو 13.6 مليون شخص أصبحوا بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، كما يتم تهجير السوريين بمعدل خمسين أسرة كل ساعة يومياً، ويوجد مليون شخص على الأقل في مخيمات النازحين لا يحصلون على المساعدة الدولية.
ويشير غوتمان إلى أن “المفاجأة الكبرى” تتمثل في قراءة خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية التي نشرت يوم 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي، حيث غيرت الأمم المتحدة بعد التشاور مع نظام الأسد عشرات المقاطع وحذفت المعلومات الهامة، وذلك بهدف رسم صورة أكثر إيجابية عن نظام السوري.
وأوضح التقرير أنه بالمقارنة بين النسخة النهائية لخطة الأمم المتحدة والمسودة التي حصلت عليها “فورين بوليسي”، يتضح أنه تمت إزالة عشر إشارات لكلمة محاصر أو المناطق المحاصرة، مثل مضايا التي شهدت موت 23 شخصا من الجوع على مدى عدة أشهر قبل وصول قافلة مساعدات الأمم المتحدة منتصف الشهر الحالي.
كما اختفى من التقرير الأممي أي ذكر للبراميل المتفجرة التي يسقطها النظام بشكل عشوائي على المناطق المأهولة بالسكان، واختفى كل ذكر لجماعات الإغاثة السورية التي توصل المساعدات إلى المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
إجراء معتمد
وأشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أنه تم إجراء التعديلات بناء على طلب من حكومة الأسد، وقالت المتحدثة باسم المكتب ليندا توم “إن الإجراء المعتمد للأمم المتحدة في كل البلاد هو التشاور مع حكومة البلد”، وذلك في إجابتها عندما سُئلت عن حذف الإشارات إلى “الحصار” أو “المحاصر”.
كما أكدت رئيسة المكتب أماندا بيت هذه النقطة، حيث قالت في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى المجلة “أفترض أنه تم القيام بذلك بعد التشاور مع مجموعة من الشركاء بمن فيها حكومة الأسد، كما جرت العادة”.
ويقول التقرير إن حذف الأمم المتحدة لأي ذكر للحصار جدير بالملاحظة، لأن أزمة مضايا لم تنته بعد، فرغم سماح نظام الأسد بإدخال بعض المستلزمات الطبية والمساعدات، فإن حزب الله اللبناني والنظام منعا إجلاء مئات الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية الحاد والذين يريد الأطباء أخذهم إلى المستشفى. كما قيد الطرفان تسليم الوقود، حيث سمح لقسم ضئيل فقط مما كانت الأمم المتحدة قد خططت لإدخاله بالوصول إلى البلدة المحاصرة.
ونقلت المجلة عن منسق وحدة مضايا الطبية المحلية محمد يوسف قوله إن 13 مدنيا ماتوا بعد وصول قوافل المساعدات، بينهم مراهق مات أمام أعين مسؤولي منظمة “يونيسيف”.
وتابع التقرير أن مسؤولي الأمم المتحدة لم يتمكنوا من الحصول على الموافقة لعمليات الإجلاء الطبي، ونقل عن ممثلين عن منظمات الإغاثة السورية قولهم إن “مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية قلص بشكل كبير عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى معالجة عاجلة، قائلين إن ما يصل إلى أربعمئة شخص يجب إجلاؤهم”.
وتشير المجلة إلى أن خمس منظمات إغاثة سورية اتهمت الأمم المتحدة بالتفاوض على صياغة تقريرها مع نظام الأسد، مضيفة أن إزالة جميع الإشارات إلى المناطق المحاصرة “يقلل من خطورة الانتهاكات” للقانون الدولي التي يقوم بها النظام، وإزالة الإشارات إلى الألغام تمثل مصادقة ضمنية على موقف النظام القائل بأن إزالة الألغام عمل عسكري.
ويعتقد بعض عمال الإغاثة أن استعداد الأمم المتحدة لمجاراة النظام يرجع إلى خوفها من أن يتم طردها من دمشق، وفي رسالة منفصلة يوم 13 ديسمبر/كانون الثاني الماضي، اشتكى 112 من عمال الإغاثة بمرارة من أن الموظفين في المكتب الأممي بدمشق “إما مقربون جداً من النظام أو خائفون من سحب تأشيراتهم من قبل نفس القوى المحاصرة لنا”.
المصدر : فورين بوليسي