الخوف من الإرهاب والمسلمين واللاجئين هو ما يدفع أحزاب اليمين واليسار بعيدًا عن بعضهما البعض أكثر من أي وقت مضى.
ومن المرجح أن تغذي الهجمات الشرسة الأخيرة على شاطئ البحر في مدينة نيس، وعلى متن قطار في ولاية بافاريا تغذي الحملات الحالية الداعية لرفض اللاجئين والمسلمين، وقد جعلت المخاوف منهم تزداد في أوروبا بسبب الهجمات واسعة النطاق التي تمت في العام الماضي في باريس وبروكسل.
وحتى كتابة هذا المقال فإنه من السابق لأوانه القول ما إذا كانت أعمال العنف الجارية في ميونيخ من شأنها أن تضاف إلى هذه القائمة القاتمة.
ومع ذلك، فإن المشاعر هي السائدة وخاصة فيما بين الناس على مختلف الطيف الأيديولوجي في العديد من الدول الأوروبية، وفقًا لدراسة مركز “بيو” للأبحاث الذي تم مؤخرًا على 10 دول في الاتحاد الأوروبي.
ونظرًا لتاريخ أوروبا المأساوي مع الحركات السياسية اليمينية مع ارتفاع الأصوات المعادية للمهاجرين في فرنسا وألمانيا وهولندا والسويد والمملكة المتحدة، فإن – هذا الانقسام الايديولوجي – لا يبشر بالخير النسبة لمستقبل التوافق الاجتماعي في أوروبا، والتي يزداد فيها أعداد المهاجرين بسرعة كبيرة.
وتظهر بيانات 29 دولة أوروبية أن متوسط عدد المهاجرين اللاجئين والمهاجرين في الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى المقيمين هناك منذ فترة طويلة والمولودين في الخارج، قد ازداد بنسبة 12 في المئة وفقًا لدراسة مركز “بيو” الأخيرة.
وتتراوح نسبة المهاجرين في البلدان الفردية بنسبة تصل إلى 18.3 في المئة في السويد وما يصل إلى 1.6 في المئة في بولندا، وفي بعض البلدان ترتفع هذه الحصة عن ذلك، ويرجع ذلك أساسًا إلى وجود عدد كبير من طالبي اللجوء دخلوا أوروبا العام الماضي، وفي السويد والمجر، على سبيل المثال، جزء من السكان المولودين في الخارج تصل نسبتهم إلى 1.5 في المئة و1.3 في المئة خلال عامي 2015 و2016 على التوالي.
وبالطبع فإن المناقشة العامة بشأن تأثير الهجرة ليس نسبة بقدر ما هو أرقام فعلية، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال فإن الخطاب العام حاليًا قد وصل ذروته حول الهجرة، وحتى الآن تبلغ حصة المهاجرين من السكان الأمريكيين نحو 14 في المئة حاليًا، ونمت فقط بنسبة 1 في المئة خلال العقد الماضي.
وفي جميع أنحاء أوروبا، يعتقد 49% من السكان – في المتوسط – أن وجود عدد كبير من اللاجئين الفارين من دول مثل العراق وسوريا تشكل تهديدًا كبيرًا لبلادهم، ومتوسط أكبر من 59% يقولون إن اللاجئين سوف يزيدون من احتمالات الإرهاب في بلادهم، و43% في المتوسط لديهم وجهة نظر سلبية عن المسلمين في مجتمعاتهم.
وتخفي هذه المشاعر السلبية المشتركة المنتشرة على نطاق واسع تخفي الانقسام السياسي ويحتمل أن تكون أكثر تهديدًا في أوروبا، أولئك الذين على اليمين مختلفون تمامًا عن أولئك الذين يجلسون على اليسار في وجهات نظرهم وآرائهم.
ويمثل هذا الانقسام الأيديولوجي بالنسبة للتهديد العام الذي يشكله اللاجئون هو 32 نقطة مئوية في فرنسا، ( 61% من هذه النسبة من أصحاب اليمين يرون اللاجئين مصدر خطر كبير، بينما 29% فقط من الناس علي اليسار يشاركونهم هذه الخوف، وتنقسم النسبة إلى 30 نقطة في المملكة المتحدة، و29 نقطة في هولندا و28 نقطة في ألمانيا وإيطاليا.ومعظم الذين هم على اليمين في الـ10 دول الذين شملهم الاستطلاع في كل دول الاتحاد الأوروبي يعتقدون أن اللاجئين يزيدون من احتمالات الإرهاب في بلادهم، والانقسام الأيديولوجي بين مشاعر أصحاب اليمين الذين هم أكثر قلقًا حول الإرهاب مقارنة بوجهات نظر أولئك الذين على اليسار يعتبر حقًا عميق 35 نقطة في المملكة المتحدة، و34 نقطة في فرنسا، و32 نقطة في إيطاليا وأسبانيا، و29 نقطة في السويد، و25 نقطة في ألمانيا.
ويرتبط هذا الخوف ارتباطًا وثيقًا بالمواقف تجاه المسلمين الذين يشكلون نسبة كبيرة من الزيادة الراهنة من اللاجئين في أوروبا، ويكون أغلبية من الناس وجهة نظر سلبية عن المسلمين في جانب اليمين في اليونان وإيطاليا والمجر وبولندا وأسبانيا، وما لا يقل عن 4 من كل 10 أشخاص يتخذون الجانب الأيمن في ألمانيا، وتشارك هولندا السويد في هذا الرأي السلبي، (وعلى سبيل المقارنة، في 2011 في مسح أجراه مركز بيو للأبحاث في الولايات المتحدة، أعرب 26% فقط من الأمريكيين وجهة نظر سلبية عن المسلمين)، ومرة أخرى، هناك انقسام حزبي كبير في المشاعر المعادية للمسلمين بفارق 31 نقطة مئوية بين تلك التي على اليمين واليسار في اليونان، أي بفارق 30 نقطة في ألمانيا، ووجود فجوة 29 نقطة في إيطاليا.
ويعكس هذا أيضًا حالة الكراهية الكامنة – في العديد من الدول الأوروبية – تجاه التنوع، والاعتقاد العالق بأذهانهم بأن المسلمين يريدون البقاء مختلفين ولا يريدون أن يصبحوا جزءًا من المجتمع الوطني الشامل.
ويعتقد غالبية اليونانيين وما لا يقل عن 40% من الإيطاليين والمجريين والبولنديين يعتقدون أن وجود عدد متزايد من الناس من مختلف الأعراق والجماعات الإثنية، والجنسيات يجعل بلادهم أسوأ مكان للعيش فيه.
ومرة أخرى الذين هم على اليمين يكونون في كثير من الأحيان أكثر معارضة للتنوع من أولئك الذين على اليسار بفجوة كبيرة تصل إلى 36 نقطة في ألمانيا، (بالمقارنة فإن 7% فقط من الأمريكيين يقولون إن التنوع هو شيء سيء بالنسبة للولايات المتحدة).
ونسبة فوق الـ50% من الجمهور في تسعة من عشر بلدان في الاتحاد الأوروبي من الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أن المسلمين يريدون أن يبقوا متميزين ولا يريدون تبني العادات والتقاليد وأساليب الحياة، أما الناس على الجانب الأيمن هم أكثر عرضة للاعتقاد بذلك من الناس علي الجانب الأيسر بهوامش كبيرة في ألمانيا والمملكة المتحدة (بفرق 33 نقطة في كليهما)، وفي فرنسا (28 نقطة)، وهولندا والسويد (23 نقطة لكل منهما).
والخلط المزدوج للخوف من اللاجئين والمسلمين وبين الإرهاب بات الآن حقيقة واضحة بين العديد من الأوروبيين، ويشكل هذا – في حد ذاته – تحديًا كبيرًا لقادة الدول التي سرعان ما باتت أكثر تنوعًا.
ومما يزيد من هذا هو صعود الشعبوية اليمينية وانتشار خطاب الهجرة، وكل حادث إرهابي يحدث من شانه أن يعزز فقط هذه الحجة ويضيف مزيدًا إلى قاعدة دعم هذا الرأي.
وإذا استمر اليمين المتطرف في الارتفاع في الأشهر المقبلة في دول مثل فرنسا وألمانيا، فإن ذلك قد يعني العودة إلى السياسة القومية التي لديها أكثر من ترك أوروبا بإرث آسف.
فوربورسينج – التقرير