فواز تللو – كلنا شركاء
ما حدث مؤخرا زلزال أحدثه التغير الجذري في موقف السعودية “قاطرة العرب” الوحيدة اليوم وتغييرها لمقارباتها في كل المنطقة بشكل جذري، فقد أدرك السعوديون أخيرا بعد ابتلاع إيران لليمن أن شهية إيران الفارسية الشيعية الصفوية لن تتوقف، وأن تطمينات باراك ابن الشيعي حسين أوباما أكاذيب حتى يمرر تحالفه مع إيران الصفوية ويصبح النفوذ الإيراني أمرا واقعا يبتلع تدريجيا باقي المنطقة، صحى السعوديون من غفلتهم وأكاذيب حليف الأمس أوباما فأنتجوا موجة تسونامي في المنطقة، لكنها وبطبيعة الأمور لن تستمر طويلا بنفس القوة والاندفاعة كأي تسونامي، وبالتالي لاحت فرصة الثورة والسوريين لاعتلاء هذه الموجة إلى جانب السعودية وتركيا وقطر لاكتساح النظام عسكريا واستئصاله مرة واحدة وإلى الأبد من خارطة الجغرافيا والتاريخ قبل تخامد الموجة.
وصول القائد العسكري المعارض “زهران علوش” من حصاره في غوطة دمشق إلى تركيا مخاطراً بهذا الشكل ليس بهدف حضور “مولد” على هامش هامش الثورة، ومن المؤكد وجود كثير من القادة العسكريين الرئيسيين الآخرين أيضا، وصلوا أو سيصلوا لتركيا والسعودية وقطر، والسبب واضح: الاستعداد للمرحلة القادمة القريبة جدا، مرحلة تبدأ بالتخطيط العسكري والعمل التنظيمي، فالحصول على التسليح الوفير بما فيه السلاح النوعي المضاد للدروع والطائرات، والتنسيق ربما لضربات جوية تقوم بها تركيا والسعودية وقطر وبعض العرب لسحق القوة والدفاعات الجوية للنظام وتأمين حظر جوي يتم توسيعه تدريجيا ليغطي كل سوريا تمهيدا لإسقاط النظام العلوي عسكريا على يد الثوار (ولا مشكلة لهوياتهم إسلامية أو معتدلين) وجلوس بقايا النظام (بعد قتل أو هروب آل أسد وكثير من ضباطهم) على طاولة “استسلام” حتى لو كانت تحت اسم “تفاوض” (لا علاقة لها بمؤامرات التفاوض الحالية) للحصول على ما يتم منحه لهم وتقبيل اليد التي تمنحه مهما كان صغيرا بالمقارنة مع انهيار “حلم” حكم العلويين لسوريا والدولة العلوية وتحالف الأقليات المزمع في سوريا إلى الأبد واستئصاله بكل أشكاله.
هذه الخطوات العسكرية المتوقعة ليست مجرد تحليل، بل كانت رغبة تركية سمعتها من مسؤولين أتراك كبار منذ ثلاث سنوات في الأشهر الأولى من خروجي من سوريا عام 2012 وفي أكثر من مناسبة ولقاء، وكان ما يطلبوه منا كـ “معارضة سياسية” هو العمل على تأمين هذا الغطاء العربي السياسي والاقتصادي والمشاركة المعقولة لتأمين هذا المستلزمات العسكرية والحظر الجوي، فقد كانت موجة “تسونامي” الثورة السورية في أوج قوتها خلال عام 2012، لكن الموقف العربي كان مترددا بسبب الضغوط الأمريكية، أما الكارثة فكانت عمل المعارضة في المجلس الوطني ثم الائتلاف عكس هذا التوجه تماما (بغض النظر عن تصريحاتهم الإعلامية المنافقة الكاذبة) وتركيزهم على المبادرات التفاوضية الحالية المدمرة للثورة، وهي مواقف مارسوها بتشجيع من الجامعة العربية وبعض العرب وانصياعا لرغبة أمريكية أوروبية لتمرير حل سياسي يحفظ البنية الطائفية العلوية للنظام بغطاء جديد على شكل تحالف أقليات، النظام العلوي الذي حكم سوريا منذ نصف قرن ويقوم الآن بتدميرها بعد أن باعها للمحتل الإيراني، فبيع البلاد عنده عادة دشنها ببيع الجولان لإسرائيل.
اليوم، ما كان رغبة تركية قطرية قبل ثلاث سنوات بات واقعا وضع على نار حامية بعد أن تبنته السعودية “قاطرة العرب”، وبات الغطاء السياسي والاقتصادي والعسكري العربي قريبا بعد التوافق السعودي – التركي، ويجري العمل على مستلزماته بسرعة وجدية من قبل القاطرة العربية – التركية، بغض النظر عن رأي بعض العرب الذين يعملون على إعادة تأهيل النظام السوري متخفين بعباءات مختلفة بالاستعانة بمعارضة فاشلة غير ذات علاقة بالثورة والسياسة والوطنية عبر مؤتمرات التفاوض متعددة العواصم لكن متوحدة الهدف المتمثل بإعادة تأهيل النظام الطائفي العلوي في سوريا.
عاصفة الحزم في سوريا قريبة ولن تكون تماما كاليمنية، فلا تدخل بري محتمل في سوريا، والنصر العسكري يحتاج إلى قوات برية محلية أو خارجية إلى جانب التسليح والمساعدة الجوية، ففي سوريا الثورة ما يكفي من مقاتلين، السلاح النوعي والذخيرة الوفيرة والغطاء الجوي هو ما سيتم تقديمه، والحسم سيكون سريعا جدا.
لكن العمل العسكري يحتاج لمقومات ومقدمات سياسية وتنظيمية لينجح، والمطلوب حاليا من القادة العسكريين الرئيسيين والشخصيات الفاعلة إداريا في المناطق المحررة (ليس في الخارج) تشكيل هيئات تنظيمية محلية عسكرية – مدنية تضمن قدرا مطلوبا من التنظيم والتنسيق تحت أهداف ورؤيا واستراتيجيات واضحة، لكن أن يجري كل ذلك بعيدا عن المعارضة الفاشلة وهيئاتها السابقة ومقاولي الثورة ومنعهم من ركوب موجة تسونامي العربية – التركية الحالية، فنحن في لحظة تاريخية مناسبة تجري الرياح فيها مع أشرعة ثورتنا، والنصر العسكري بات قريبا كما كان في نهاية عام 2012 ، وتضييعه جريمة تكافئ الكفر والخيانة، وهذه الهيئات السابقة الفاشلة وشخوصها الذين يتقافزون كالعناكب السامة من مؤتمر لآخر وبمسميات مختلفة سيحاولون تسلم دفة القيادة لحرف شراع سفينة النصر إما لتحقيق مطامحهم الشخصية الرخيصة التي أفشلوا سابقا الثورة من أجلها أو ليوجهوا شراع السفينة باتجاه مفاوضات مع السفاح متلطين بكلمة حق يراد بها باطل: “وقف إراقة الدماء والحفاظ على ما تبقى من سوريا”، وأرجو أن لا نجد قائدا عسكريا أو رجل دين في الداخل المحرر يسمح لهؤلاء بركوب الموجة وبالتالي تضييع فرصة تسونامي الثانية قبل أن تتخامد بعد أن ضيعوا الأولى.
الصيف القادم سيكون حارا “كجهنم” لإيران وخدمها في المنطقة، وسيبقى حارا حتى في صقيع الشتاء الذي يليه، بدأ مبكراً في اليمن الذي يجري تحريره من المشروع الشيعي الفارسي الإرهابي، وسيمر بلبنان المحتل بمقاربات جديدة صادمة لأصحاب المسلسل المكسيكسي الطويل “طاولة الحوار”، وللعراق الجريح المحتل نصيب كبير من حرارته، لكن درك جهنم الأسفل في هذا الصيف الحار سيكون في سوريا، صيفا وشتاءا لاهبا لإيران وعميلها النظام العلوي المحتل لسوريا الذي إن نجى هذا الصيف من نهايته المحتومة فإن ملامح هذه النهاية ستكون على الأقل باتت مرسومة واضحة قريبة، فانتظرونا قريبا في دمشق الأموية المحررة.
فواز تللو – سياسي سوري معارض