تحمل فاطمة صندوقا وضعت به أمها أغراضا بلاستكية تصفها “فاطمة” بـ “كراكيب ما لها لازمة”، أم فاطمة اعتادت جمع كل ما يتم دخوله إلى المنزل من “أكياس ورقية أو بلاستكية، أكواب بلاستكية، أسفاط بيض، سطول بلاستكية، قناني ماء بلاستكية وأخرى زجاجية… ” فهي تعرف كيف تعيد تدوير مثل هذه الأغراض بشكل مناسب، وما لا تستطيع استخدامه تبيعه للبائع المتجول في الحي.
تجمع “أم فاطمة” عبوات بلاستكية، وتستخدمها بطرق كثيرة “بعد إفراغها أقوم بتنظيفها، وتنشيفها من الماء وفرزها كل حسب حجمها، فالصغيرة منها أستخدمها في كبس المخللات في الصيف، أما الوسط منها أضع فيها الزيت أو الحامض المعصور، والكبيرة منها أضع بها ورق العنب “اليبرق المكبوس” ليتم استخدامه في فصل الشتاء ” لتضيف ضاحكة ” كل عبوة لها استخدامها فالبعض منها أملأ بها الماء أو العصير المّعد في المنزل”.
تكمل حديثها عن كيفية إعادة استخدام ” التنكات ” السمن أو الزيت، فبعد تنظيفها، أقوم بإلباسها قماشاً كي تعطيها منظرا جماليا خارجيا، بعد أن أكون قد عبأتها ترابا لأزرع وردا صغيرا بها.. تنكه الياسمينة كل سنة بغيرها.. منها بجدد تراب الزرعة وحتى يظل منظرها حلو” تعتبر أم فاطمة نفسها قادرة على استخدام كل القطع المعدنية بشكل مناسب في منزلها لتعيد كلامها “والي ما بعرف استخدما كمان ابيعها”.
حين تدخل إلى مطبخ أم فاطمة تجد سلما صغيرا مسنودا على الحائط، فهي تضعه بالقرب من “السقيفة” وهي غرفة صغيرة تستخدم لتخزين المونة في البيوت السورية أو حتى الأشياء الفائضة عن حاجه المنزل، “أم فاطمة ” ترتبها بشكل جيد حتى تصل لكل قطعة تريدها، لتجد في سقيفه أم فاطمة أسفاط البيض المرتبة فوق بعضها، ” بجمعها وكل شهر أو شهرين بيعها لجارنا السمان، أو بأخذ بدالها منظفات غسيل بقيمتها”.
يعرف السوريين بتدويرهم لكثير من المواد المستخدمة في حياتهم، فهناك أشخاص متخصصة في جمع “علب الكولا” لتعاد استخدامها مرة أخرى.
“أم فاطمة” تعتبر أن الأزمة الاقتصادية التي تعصف في البلد ساعدت على إعادة تدوير المواد الكرتونية والبلاستكية، لتصف بنبرة حزن كيف أن جيرانها يجمعوا أكياس الشيبس المقلى في الشارع، ليشعلوها مع قليل من الحطب أيام الشتاء.
تتجول “أم فاطمة” في مطبخها لتمسك قطع قماش سميكة، وكيف أنها أعادت استخدام الثياب “البالية” لتخيطها على شكل قطع مربعة متوسطة الحجم، لتستخدمها في مسح الأراضي وأثاث المنزل، ” جارتي فنانة تقدر تعمل من كنزات الصوف سجادة للمطبخ حاولت أتعلم منها ما قدرت”.
تختم “أم فاطمة” حديثها بتمنيها من جميع الفتيات السوريات أن تتعلم “فن تدوير الأشياء” فهي ضرورية في أيام الحرب وحتى في أيام السلم، تضحك على كلمة قالها لها ولدها المغترب في ألمانيا “ابني كل ما يحكي معي بقلي لسه عم تجمعي الكراكيب، والله أنت سبقتي ألمانيا بهاي الأفكار بس عنا بألمانيا شركات مختصة لفصل القمامة وإعادة تدويرها”.
المركز الصحفي السوري – أماني العلي