أغفل الجهاز الإحصائي الفلسطيني، في تقريره في يوم اللاجئ العالمي في 20 يونيو/ حزيران الجاري، لأسبابٍ غير معروفة، أية معلومات حول اللاجئين الفلسطينيين في سورية، على الرغم من التحولات الديمغرافية القسرية الكبيرة بينهم، منذ عام 2011، والتضحيات التي قدّمها اللاجئون الفلسطينيون، منذ انطلاقة العمل الوطني الفلسطيني في 1965 .
كان من المفترض أن يتضمن التقرير، بالتوصيف والتحليل، التغيرات الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية الحاصلة للاجئين الفلسطينيين في سورية خلال السنوات الخمس الماضية، حيث اقتصر التقرير على ذكر أن نسبة اللاجئين الفلسطينيين في سورية 10.6% من إجمالي عدد اللاجئين الفلسطينيين المقدر بنحو 5.6 ملايين لاجئ فلسطيني في يناير/ كانون الثاني من العام الماضي 2015.
تأسس مكتب الإحصاء الفلسطيني (منظمة التحرير الفلسطينية) في دمشق في عام 1978، ومجمل العاملين فيه حتى اللحظة من فلسطينيي سورية. وقد أصدر المكتب بشكل سنوي المجموعة الإحصائية السنوية حتى 1994، حيث تضمنت مؤشراتٍ عن الشعب الفلسطيني في داخل فلسطين التاريخية والشتات، فضلاً عن إصدار دراسات متخصصة عن كل تجمع فلسطيني، وكذلك دراساتٍ اعتمدت على مسوح ميدانية في سورية ولبنان والعراق أيضاً.
بعد إنشاء الجهاز الإحصائي في رام الله، كإحدى مؤسسات السلطة الفلسطينية، في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، تمّ إصدار دراسات ومجموعات إحصائية سنوية دورية كثيرة عن الشعب الفلسطيني، ودراساتٍ عن أخطبوط الاستيطان الصهيوني وتوسعاته على حساب الأرض الفلسطينية، ناهيك عن تقارير مهمة عن اللاجئين الفلسطينيين، وخصوصاً في ذكرى النكبة الكبرى من كل عام.
اللافت أن الجهاز الإحصائي الفلسطيني تجاهل، منذ بدء الاحتجاجات الشعبية في سورية، وزج المخيمات الفلسطينية في أتون الصراع المسلح، نتيجة التداخل الجغرافي والاجتماعي مع الجوار، إصدار أية دراسة موثقة عن اللاجئين الفلسطينيين في سورية، على الرغم من توفر قاعدة بيانات كافية عمّا حلّ بهم من كوارث. فمن أصل 560 ألف لاجئ فلسطيني في سورية خلال العام الحالي، وفقاً لمعطيات متعدّدة، تمّ تهجير أكثر من 150 ألفا إلى خارج البلاد، بينهم حوالي 72 ألفاً، بحسب مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية، إلى أوروبا، وخصوصاً إلى ألمانيا والسويد وهولندا، فيما نزح نصف مجموع اللاجئين داخلياً، وخصوصاً إلى أحياء معروفة في العاصمة دمشق، مثل ركن الدين، قادسيا، مزة الشيخ سعد، صحنايا، دمرالبلد، مشروع دمر، الجديدة.
وقد تمّ تدمير ما نسبته 70% من مخيمي حندرات ودرعا، و40% من مخيم اليرموك الذي يعتبر أكبر مخيم فلسطيني من حيث عدد السكان، حيث كان يقطنه نحو 152 ألف لاجئ فلسطيني، حتى تاريخ ضربة الميغ جامع عبد القادر الحسيني في وسط المخيم يوم الأحد 16-12-2012، حيث تمّ تهجير غالبية سكانه، ولم يتبق منهم سوى ألفي عائلة، يتركّز معظمهم في جنوبه، في شارع العروبة الفقير أصلاً. ولم يستطع المتابع لتحولات المشهد إغفال قضاء أكثر من ثلاثة آلاف لاجئ في سورية بفعل الحرب، ناهيك عن اعتقال مئاتٍ على أيدي أطراف الصراع.
كان من الأجدى على الجهاز الإحصائي الفلسطيني إصدار تقارير دوريةٍ ودراسات متخصصة حول فلسطينيي سورية، نظراً للكوارث الإنسانية التي حلت بهم منذ عام 2011، على اعتبار أنها مسألةٌ في صلب المهنية والدور المناط بالجهاز في الأساس. وثمة قدرات علمية ومالية لدى الجهاز، لإجراء مسوحٍ ميدانيةٍ بالعينات في دول الجوار لسورية، لبنان، الأردن، تركيا، والاستناد إلى نتائجها.
العربي الجديد – نبيل السهلي