الآنسة رهف ، معلمة اللغة الإنجليزية في إحدى المدارس الخاصة في الشمال السوري ، تعرفت إليها منذ وقت قريب نسبياً ، لفت انتباهي نشاطها وتفانيها في عملها ،وحبها للطلاب ، وقربها منهم ، وتفهمها لمشكلاتهم وسعيها الدائم لعمل كل ما تستطيع لمصلحتهم .
كانت دهشتي عظيمة عندما علمت صدفة أنها تعمل دون أي مقابل مادي، كونها أرادت أن تتبرع براتبها كله لصالح هذه المدرسة وطلابها الذين فقدوا أحد آبائهم.
حين سألتها: لماذا تقدمين كل هذا دون مقابل؟!
أجابتني بغرابة: فقدت ابني الوحيد الذي يبلغ ثمانية ربيعاً، كان ملقى على الأرض غارقاً بدمائه التي كانت سبباً بتغيير جذري في حياتي كلها ، فوهبت عملي هذا إكراماً له ، وبأن يعوضني الله عما فقدته ، وأن يكون عملي أجراً وثواباً لي وله .
ما تقوم به رهف ليس لغاية الشهرة أو نيل الثناء بل إنها تعمل انطلاقاً من إيمانها بأننا بحاجة لكل جهد، وعلى كل مستطيع تقديم أقصى ما يستطيع، كلٌ حسب إمكاناته، لذلك وباعتبارها تملك إمكانات تربوية ومادية تؤهلها لتقوم بدورها المطلوب فقد رأت أن من واجبها أن تتحمل مسؤوليتها وتقدم لمجتمعها ما تستطيع.
عندما أراها أتذكر البيت القائل:
كَم هِمَّةٍ دَفَعَت جيلاً ذُرا شَرَفٍ
وَنَومَةٍ هَدَمَت بُنيانَ أَجيالِ
فهي ذات همة ونشاط قل نظريهما، والتزام وقدرة على تحمل المسؤولية نحن بأمس الحاجة إلى مثلها، فهي من أولئك الناس القدوة الذين يعملون لنهضة الأمة بإخلاص ومحبة دون كلل أو ملل ودون انتظار لمدح أو شهرة ، ولو علمت بما كتبت عنها فلن تكون من الفرحين .
قصة خبرية بقلم محمود المعراوي
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع