زهيراحمد
دخل الملا حسن روحاني رئيس ديكتاتورية الملالي يوم الأربعاء 27 كانون الثاني 2016 إلى العاصمة الفرنسية باريس وسط هتافات غضب واحتجاج للإيرانيين الأحرارالذين جددوا اعتراضهم يوم الخميس 28 كانون الثاني بالتزامن مع لقاء روحاني والرئيس الفرنسي، على حضور”رئيس الإعدامات” في ”مهد الحرية والديمقراطية” بصرخاتهم المدوية خلال أحد أكبر مظاهرات للمقاومة الإيرانية أقيمت خارج البلاد وانضمت إليها شخصيات ومنتخبون للشعب الفرنسي حيث ترددت أصداء المظاهرات في مختلف وسائل إعلام فرنسية وأهم وكالات أنباء إقليمية ودولية.
وعلى الصعيد الداخلي للنظام، قدمت الزمرتان الحاكمتان رؤيتين مختلفين تجاه سفر روحاني حيث اعتبرت زمرة الولي الفقيه السفر، سواء إلى ايطاليا أو فرانسا، مقرونا بالتصرفات المهينة وشنت على روحاني ومرافقيه هجوما لعدم ردهم على هذه التصرفات حيث كتبت صحيفة جوان التابعة لقوة الباسيج اللا شعبية خلال مقال بعنوان ”لا أحد إنتبه إلى ماركوس” أنه: ”عندما جلس الرئيس روحاني بجانب رئيس الوزراء الإيطالي في ظل حصان ماركوس آئورليوس في متحف بلدية روما ليقدم مؤتمرا صحفيا، ساد تخبط ملحوظ الإيرانيين الغيارى متسائلين أنه لماذا يجب إبرام المعاهدات على جوار حافر حصان أمبراطور روما الذي هزم الجيش الأشكاني الإيراني حين غارته على إيران ما أدى إلى فصل جزء من إيران؟!”
بالمقابل، وصفت وسائل إعلام تابعة لزمرة رفسنجاني روحاني السفر بحالة حماس وهياج غريبة بالمعجزة وإن عنوان افتتاحية صحيفة ابتكار التي قالت ”معجزة أدب الإحترام في الصعيد الديبلوماسي” صريح بما فيه الكفاية.
لكن التقييم الحقيقي لهذه الزيارة يأتي بنظرة إلى أهداف روحاني والنظام منها وما أفرزها.
ما كان روحاني يسعى له في السفر، يتمثل في أنه بعد تجرع النظام كأس السم النووي وتحمل معاناته لعله يتمكن من أن يجني ثماره ويقلل من عزلة النظام سياسيا ويرفع عن العقوبات الأوروبية اقتصاديا وينفع منه في صراع النظام داخليا ويدر عوائده إلى جيوب زمرته.
إن التقييم الدقيق لنتائج الزيارة اقتصاديا وما أخذه روحاني وما قدمه، يتطلب مجالا ومقالا آخرين، إلا أن خبرا أفادته وكالة آسوشيتدبرس يوم 27 كانون الثاني يعطينا صورة مجملة حتى نتبين مدى تحقيق تطلعات روحاني الهادفة إلى رفع العقوبات: ”دعت فرانسا الإتحاد الأوروبي لدراسة عقوبات جديدة ضد إيران حول اختبارها الصاروخي الأخير… أكد لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي أن الإتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات جديدة على إيران”.
أما سياسيا، فمخرجات هذه الزيارة أكثر أسفا وفضيحة من المجال الإقتصادي حيث وضع الرئيس الفرنسي خلال لقائه بروحاني جميع المواقف الفرنسية المعاكسة للمواقف الإيرانية في سياستهما الخارجية على الطاولة أمام النظام من ضمنها الإرهاب، المنطقة، العراق، سوريا، اليمن، لبنان، السعودية وكذلك ملف حقوق الإنسان وفيما أكد على أن ” فرنسا لها علاقات صداقة مع الدول الخليجية والمملكة السعودية” دعا النظام إلى ”تخفيف التوتر في علاقاته بالسعودية”. (وكالة إذاعة وتلفزيون النظام- 29 كانون الثاني 2016)
الواقع أنه بعد السم النووي، إن الغرب وأميركا هما بصدد إطعام النظام سموما أخرى بدءا بالسم الصاروخي إلى السم الإقليمي والإرهابي حتى سم حقوق الإنسان وفيما يبدو أن زمرة الولي الفقيه التي لا تبدي رغبة لهذه السفرات، أكثر واقعية لأنها على دراية بأنها ستخرج أكثر ضررا ودينا من هذه التبادلات والمعاملات.
ورغم الحالات الأساسية المذكورة التي تكون محط جدل لكلتا الزمرتين للنظان، هناك مؤشرات معروفة في السياسة والديبلوماسية يمكن من خلاله تقييم كل سفر سياسي لا سيما في مستوى الرؤساء وأحد منها يتمثل في بروتوكولات السفر مما أرغمت الكراهية لدى الرأي العام الأوروبي تجاه نظام الملالي والملا روحاني بالذات بعنوان ”رئيس 2000 حالة إعدام” الحكومة الإيطالية ولا سيما الحكومة الفرنسية أن تراعيا هذه البروتوكولات في حدها الأدنى حيث لم يحضر أولاند لمراسيم استقبال روحاني بينما يعد حضوره من القواعد الديبلوماسية فيما حل محله لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي ما يمثل ازدراء في العرف الديبلوماسي.
ومن أهم المعايير السياسية، تأتي المظاهرات الضخمة للمقاومة الإيرانية والتي أقيمت في باريس 28 كانون الثاني احتجاجا على حسن روحاني وحاول النظام جاهدا وطرق كل باب لحيلولة دون إجرائها إلا أن المظاهرات خرجت بروعة وفي أبعاد اعتبرت حدثا سياسيا هاما في ظل الأجواء الأمنية المفروضة بعد إعتداءات 13 تشرين الثاني بباريس لا سيما مشاركة عدد كبير من الشخصيات الفرنسية السياسية والبارزة من وزيرة حقوق الإنسان السابقة إلى منتخبي الشعب الفرنسي، نواب البرلمانات والسيناتورات، حتى رؤساء البلديات و… في التظاهرة أعطت أهمية قصوى لها.
على ذلك، حولت المقاومة الإيرانية الخميس 28 كانون الثاني 2016 باريس إلى ساحة قتال سياسي بينه وبين نظام الملالي ورأى العالم بعينه مدى كراهية النظام ورئيسه لدى الشعب الإيراني ورأى أن عيون الشعب الإيراني معقودة إلى أية قوة وأية مقاومة لأن النظام إذا استطاع تعبئة مجرد عشرات من الناس للخروج في مظاهرة تأييدية لروحاني والنظام، فكان يقوم بها بلا أدنى شك، غيرأنه لم ولا يتمكن. بالمقابل ها هولاء إيرانيون أحرار ومؤيدو مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية ممن فتحوا شوارع باريس والرأي العام الفرنسي ولا يخفى على أحد أن مظاهرة ومسيرة لآلاف في خارج البلاد تساوي مظاهرة ملائين داخل البلاد ولهذا، هذه المظاهرة ترددت أصداؤها في وسائل الإعلام الفرنسية والوكالات الدولية. إذن تعد تظاهرة ومسيرة ” لا لروحاني” قرة عين ثمينة للشعب الإيراني وتمثل بشرى لقرب موعد سقوط النظام وخلاص الوطن من شر الوحوش والشياطين الحاكمين المعمّمين.